(إن حق المواطن في الجزائر يمنحه كل يهودي دون استثناء ولا يجوز منحه للمسلمين إلا لعدد قليل ممن يرى الحاكم الفرنسي منحه لهم: ولم ينتفع بهذا الحق حتى الآن من المسلمين أكثر من ألف وخمسمائة
(وجرمان رجل أولى حقوقه العامة كمواطن لا لجرم سوى أنه مسلم هو أعجوبة الأعاجيب في الأوضاع الدستورية، حتى أن (بارتلمي) أستاذ القانون الدستوري بجامعة باريس لم يستطيع كتمان تعجبه، فهو يسائل مواطنيه في مناقشته حتى الانتخاب بكتابه الذي يدرس بالجامعات الفرنسية: إنا لنعجب للتفرقة بين مواطنين من بلد واحد! كيف يمنح حق المواطن لأحدهما ولو كان من الرعاع لأنه يهودي، ويحرمه الآخر ولو كان مؤهلاً بالدكتوراه وحاملاً لوسام جوقة الشرف، لا لذنب إلا لذنب لأنه مسلم؛!)
وينقل الكاتب الفرنسي في كتابه شهادة كاتب فرنسي آخر هو (بليسيه دى رينو) حيث يرجع رينو (عدم تحقق الألفة بين الوطن الفرنسي إلى ما يكنه ويبديه الفرنسي للجزائري من مهانة واحتقار. فالمستعمر الفرنسي بل الحكام الفرنسيون يهبطون إلى أرض الجزائر مشبعين بفكرة وعقيدة لا تتزعزع، هي أنهم بين أعداء، وهم لهذا لا يبدون نحو العرب أي عطف أو حسن معاملة)
وينقل كذلك شهادة كاتب فرنسي ثالث هو (جوليوفيرى)(إن المستعمر يستبد بالوطني أي استبداد، وهو يستشعر العسف لا في أقواله فحسب، بل في سلوكه الذي لا يرعى فيه للعرب حقاً ولا كرامة)
هذا ما قاله المؤلف الفرنسي وما نقله من غيره. أما ما لم يقله، فهو أن كلمة (عربي)! هس من ألفاظ الشتائم والتحقير في الاصطلاح الفرنسي، فإذا شاء أن يشتم إنساناً أو يحقره نبزه بلفظ (عربي)!
وهذه حقيقة معروفة أضعها تحت أنظار العرب لينظروا في رد هذه الإهانة عن أنفسهم باحتقار كل ما هو فرنسي - مهما اشتدت حاجتهم إليه - واحتقار كل من يخدع بفرنسا أو ينتمي إليها، أو يرفع رأسه ليعجب بهؤلاء الذين يدعون أنفسهم متحضرين
أما الفرنسيون في مراكش فهم الفرنسيون في الجزائر - وفي كل مكان على ظهر هذه الأرض يبتلى باستعمارهم الوحشي.