بين يدي نشرة صغيرة وزعتها (رابطة الدفاع عن مراكش) في ١١ يناير الماضي، بمناسبة (ذكرى عيد الجهاد الوطني) الذي بدأ في ١١ يناير سنة ١٩٤٤. وقد جاء فيها بأسلوب معتدل كل الاعتدال تحت عنوان (السياسة الفرنسية في مراكش) ما يأتي:
(هناك مبدأ شعاره السيف والمحراث، وهو مبدأ قديم ابتدع شعاره الكونت ديسلى منذ أوائل القرن التاسع عشر؛ والسيف رمز لقهر أصحاب البلاد وإرهابهم؛ والمحراث رمز لاستغلال كل الخيرات التي تشتمل عليها تلك البلاد، وإذا أردنا أن نقلب العبارة من الرمزية إلى الصراحة قلنا: الاستغلال بالقوة!
(ومراكش اليوم مستغلة بالقوة بكل ما تحمل هذه العبارة من معنى. وفرنسا حجر عثرة في سبيل رخائها وتقدمها بأكثر مما في هذه العبارة من معنى. ومبدأ العرقلة يتمثل في كبت الحريات، وعدم التشجيع على التعليم، وعدم السماح بوجود صحافة حرة أو جمعيات حرة، وغير ذلك من الحقوق البسيطة التي تتمتع بها أحط المستعمرات في العالم. فالمثقف غريب في مراكش لا عمل له ولا مستقبل. بينما يتقلب الجهال في الوظائف العليا؛ وبذلك يساعدون على بث الانحلال في أداة الحكومة الوطنية. وسلطة الحماية تعرقل أيضا كل ما من شأنه أن يغير أسلوب الحياة الاجتماعي. وهي لا تسمح للصحف العربية بالدخول إلى البلاد ولا تسمح للطبقة المثقفة بإصدار الصحف لتنوير عقول الناس. وهي تعرقل قيام المؤسسات الوطنية الاقتصادية. وهكذا لا توجد وسيلة لعرقلة التقدم في مراكش إلا تفنن هؤلاء الموظفون في تنفيذها.
(أما سياسة السيف والمحراث أو الاستغلال بالقوة فهي تتمثل في نزع ملكية الأرض من الأهالي وتوزيعها على المستعمرين الفرنسيين؛ وفي تأسيس الشركات الاحتكارية التي تستحوذ على الصادرات والواردات، وتهيمن على السوق؛ وفي استغلال المناجم استغلالاً لا تعرف عنه مراكش شيئاً؛ وفي تسخير الأيدي العاملة بأجور زهيدة؛ وفي إشعار رجل الشارع بأنه دون الفرنسي؛ وفي فرض الضرائب الفادحة حتى أصبح المراكشي يدفع من الضرائب ما لا يدفعه أي شخص في العالم؛ وفي استغلال المياه الإقليمية والأنهار والغابات والمزارع وآبار البترول وكل الخيرات التي توجد في هذه البلاد. وقد تمت سياسة الاستغلال هذه بشكل أصبح يهدد كيان البلاد الاقتصادي بالإفلاس)