هذا ما قالته مذكرة رابطة الدفاع عن مراكش. أما ما لم تقله - ولديّ عنه أخبار وثيقة - فهو الوحشية البربرية المتبعة في نفي الزعماء السياسيين وتعذيبهم واختيار أماكن اعتقالهم، حتى أصبح معظمهم مريضاً بالسل. وهي وحشية مقصودة لتخويف الآخرين!
وليس لأحد أن يشك في صحة هذه البيانات المراكشية، فهناك ما يؤيدها في الجزائر بشهادة الكتاب الفرنسيين أنفسهم. فهي إذن سياسة واحدة تدل على هذه العقلية البربرية التي تعيش بها فرنسا في القرن العشرين في ساحات شاسعة تستحق الاهتمام.
ومما يدل على الظلم والجحود أن هؤلاء الجزائريين والمراكشيين هم الذين نصروا فرنسا في حربين متواليتين؛ فكل الشجاعة التي يتشدق بها الفرنسيون في معركتين كبيرتين في هذه الحرب والحرب الماضية - وهما معركة بئر حكيم ومعركة المارن - كان أبطالها هم الجزائريين والمراكشيين. أما الجندي الفرنسي - الذي يشيع المغرضون عنه خرافة الشجاعة - فقد تحطم وانهارت قواه وهو يدافع عن بلاده في الحربين على السواء
معركة المارن كسبها (الفيلق الإفريقي) وكانت نقطة التحول في الحرب العظمى. ومعركة بئر حكيم ثبت فيها الجزائريون واللبنانيون. ومعركة الصحراء الغربية كسبها جنود مستعمرة تشاد وإفريقية الاستوائية. أما الجندي الفرنسي فقد انهارت قواه أو استأسر استسار الجبان في كل مكان!
ثم تكون المكافأة التي يوحى بها الجحود لهؤلاء الذين نصروا فرنسا مرتين في ربع قرن هذه هي المعاملة القاسية!
ولكن مما يعزى الشرق العربي أن فرنسا قد انتهت - على الرغم من كل تشبث لها بالبقاء - انتهت، ومن واجب الشرق العربي أن يدق المسامير في نعشها
وآية انتهائها هو هذا الجمود في سياستها وعقليتها الاستعمارية، بينما الآخرون يحاولون التجديد، ولو في الألفاظ والأساليب
ففرنسا قد استحالت أمة جامدة متمسكة بكل وضع قائم تمسك الغريق. كانت هي الأمة الجامدة المحافظة في إلغاء الامتيازات بمصر بمؤتمر مونتريه. وكان هذا موقفها مع سورية ولبنان، فلم تبرم معهما المعاهدة التي اتفقا عليها، وكانت النتيجة أن فقدت نفوذها كله. وبالمثل كان موقفها في هيئة الأمم المتحدة وهي تتمسك بالاستعمار والانتداب ولا تقبل كلمة