(. . . ولو ذوكرت في القائم ادعيت أنه مضى. . . ولو ذكر أبو جهل حكمت له بالإسلام، ولو مررت بإيوان كسرى استقللت بنيانه، ولو رأيت إرم ذات العماد استصغرت شأنه، ولو خوطبت في التراويح أخذت بابتداعها الشيعة، ولو عد الأجبار والتشبيه ألزمت دينهما المعتزلة، ولو حلم الأحنف بن قيس استخففت عقله، واستعظمت جهله، ولو تعجب الناس من بناء الهرمين أخذت تذكر انتقاصه ووهنه. . . ولو فضل التوحيد أفردت به النصارى. . .)
(لقد أعجبت بنفسك الخسيسة التي لا تستحق العجب حتى كأن كسرى أنو شروان حامل غاشيتك، وكأنك قارون وكيل نفقتك، وكأن بلقيس ذات العرش العظيم دايتك، وكأن مريم البتول أمتك، وحتى كأن العود وجميع الملاهي وضعت لطربك، وحتى كأن المريخ يستقي من صولتك ومضائك، وعطارد يستمد من لطفك وذكائك، وحتى كأن زرقاء اليمامة لم تنظر إلا بمقلتك، وكأن لقمان لم ينطق بغير حكمتك، وكأنك بنيت منارة الإسكندرية من آجر دارك، وكأنك علمت زياداً السياسة، وأفدت عبد الحميد الكتابة، ولقنت يحيى بن خالد الفصاحة، وألقيت على الحسن البصري المحبة، وعلى الحجاج بن يوسف الثقفي الهيبة، وحتى كأنك زرعت غوطة دمشق، وشققت أنهار البصرة، وهندست كنيسة الرها، ووضعت قنطرة سنجة. . . وحتى كأن فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) من فضائلك مسترقة. وحتى كأن خالد بن الوليد قاتل تحت رايتك، وقتيبة بن مسلم فتح البلاد ببركة دعوتك، وحتى كأنك وضعت التقويم لآدم بن يحيى، وحللت الزيج الأول، وعدلت الطبائع الأربع، وحتى كأنك كشفت لبطليموس الفلك حتى نظر إليه، ومثلت لجالينوس تركيب الجسد حتى وقف عليه، وحتى كأنك أورثت بني أسد العيافة وبني مدلج القيافة، وعلمت شقا وسطيحاً الكهانة، وحتى كأنك علمت حاتم بن عبد الله السخاء، والسموءل بن عاديا الوفاء، وقيس بن زهير المكر والدهاء، وإياس بن معاوية الفطنة والذكاء، وأخذ عنك سيف بن ذي يزن أخذ الثأر، والإدراك بالأوتار، وحتى كأنك لا أحد أعلم منك فأضربه مثلاً، ولا أعلى منك فأجعله غاية وأمداً، ومن شبهك به فقد رد الوصف إليك، ووفره عليك، والقرد لا يشبه بغيره، والراجح لا يوصف بمن تقاصر عن رجحان قدره. . .)
(قد اتفق الناس على ضياع النسخة الأولى من كتاب العين فأمله علينا، وأجمعوا على ذهاب