قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود فأخرجهما إلينا، وتخالف الناس في المهدي وشكوا في السفياني وفي الأصفر القحطاني فعرفْنا متى يخرجون؟ فإني أعلم أنهم إليك يختلفون، وفي أمرك ونهيك مترددون، وبمشورتك يغيبون ويحضرون. وآل أبي طالب قد علمت أنهم مسلوبون حقهم، ومغصوبون إرثهم، فتقدم إلى غلامك الدهر بأن يرفع رايتهم، ويرد إليهم ولايتهم. . .)
(. . . إني - وفقدِك - فلا شيء أعز علي منه ولا أحسن منه ما سمعت قول علي بن جبلة في أبي دلف:
إنما الدنيا أبو دلف ... بين بادية ومحتضرة
فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره
إلا غضبت عنك عليه، واعتقدت أنه سرق صنعتك، وأعار أبا دلف مدحتك، ولا سمعت قول ليلى:
فتى كان أحيا من فتاة حيية ... وأشجع من ليث بخفان خادر
إلا قلت: فكيف لو رأت ليلى أخاها فتعلم دعواها من دعوانا؟
أنت (رحمك الله تعالى) من أيدي هؤلاء الشعراء الكذابين مرحوم، وفيما بينهم مظلوم؛ سلبوك علاك وهي حلاك، ونحلوها قوماً سواك، والمدح الكاذب ذم، والبناء على غير أساس هدم. . .)
اجتزئي بهذه النتف القصيرة القليلة من تلك الرسالة المتبحبحة المتفننة الطويلة.
وللخوارزمي شعر كثير جيد، منه هذه المقطوعة في نقد الألقاب في زمانه:
مالي رأيت بني العباس قد فتحوا ... من الكنى ومن الألقاب أبوابا
ولقبوا رجلاً لو عاش أولهم ... ما كان يرضى به (للدار) بوابا
قل الدراهم في كفي خليفتنا ... هذا فأنفق في الأقوام ألقابا
وأختم الحديث عن أبي بكر بهذا الخبر الدال على فرط كلفه بالعلم: (قيل لأبي بكر الخوارزمي عند موته: ما تشتهي؟
قال: النظر في حواشي الكتب. . .!)