للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أشياء يريدها، فقالت: خذي ما تريدين واحمليه إليه، فجاءت نظم إليه فقالت: إن كان قد بقي في نفسك شيء، فعرفني. فقال لها: الختان غداً، وما بقي في نفسي شيء إلا وقد بلغته بك، وقد بقي في نفسي شيء لست أجسر على مسألته. قالت: قل ما في نفسك. قال: أشتهي إعارة القرية الفضية التي عملت لأمير المؤمنين ليراها الناس في داري، ويشاهدوا ما لم يشاهدوا مثله، فيعلموا ما لي من الاختصاص والعناية. فوجمت، وقالت هذا شيء عمله الخليفة لنفسه، ومقداره عظيم، وفي هذه القرية مئات الألوف من الدراهم، ولا أحسب جاهي يبلغ إليها. وكيف يستعار من خليفة شيء؟ ومتى سمع بخليفة يعير؟ ولكن أنا أسأل السيدة. ومضت.

قال أبو القاسم: فلما كان الليل جاءتني، فقلت ما الخبر؟ فقالت كل ما تحب، قد جئتك بالقرية هبة لا عارية، وجئتك معها بصلة ابتدأ بها أمير المؤمنين من غير مسألة أحد. فقلت ما الخبر؟ قالت: مضيت وأنا منكسرة القلب، آيسة من أن يتم هذا. فدخلت على السيدة، على هيئتي تلك. فقالت من أين؟ قلت من عند عبدك يوسف، وهو على أن يطهر ابنه غداً. قالت أراك منكسرة، قلت: ببقائك ما أنا منكسرة. قالت: ففي وجهك حديث، فقلت: خير، قالت: بحياتي عليك، ما ذاك؟ قلت: قد شكر ما عومل به ودعا وقال إني كنت أحب أن أتشرف بما لم يتشرف به أحد قبلي ليعلم موضعي من الخدمة. قالت: وما هو؟ قلت: يسأل أن يعار القرية ليتجمل بها، ويردها من غد. فأمسكت. ثم قالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه، كيف يحسن أن يرى في دار غيره؟ وكيف يحسن أن يقال إن الخليفة استعار منه بعض خدمه شيئاً ثم استرده منه، وهذا فضيحة. وليس يجوز أن أسأله هبتها له لأني لا أدري إن كان قد ملها وشبع منها أم لا؟ فإن كان قد ملها فقيمتها عليه هينة. وإن كان لم يملها لم أرض أن أفجعه بها، وسأسبر ما عنده في هذا.

ثم دعت بجارية فقالت: اعرفوا خبر الخليفة، فقيل لها هو عند فلانة، فقالت (أي لنظم) تعالي معي، فقامت، وأنا معها وعدة جوار حتى دخلت، وكانت عادته إذا رآها أن يقوم لها قائماً، ويعانقها، ويقبل رأسها، ويجلسها معه في دسته (قالت نظم): فحين رآها قام وأجلسها معه، وقال: يا ستي - وهكذا كان يخاطبها - ليس هذا من أوقات تفضلك وزيارتك! فقالت: ليس من أوقاتي. ثم حدثته ساعة، وقالت: يا نظم متى عزم ابنك يوسف (!) على تطهير

<<  <  ج:
ص:  >  >>