ابنه؟ قلت. غداً. فقال الخليفة: إن كان يحتاج إلى شيء آخر أمرت به. فقالت: هو مستكف داع، ولكن قد التمس شيئاً ما أستحسن خطابك به. قال أريد أن أشرف على أهل المملكة كلهم، ويرى عندي ما لم ير في العالم بمثله. قال: وما هو؟ قالت: يا سيدي يلتمس أن تعيره القرية، فإذا رآها الناس عنده ارتجعت. فقال يا ستي، والله هذه ظريفة! يستعير خادم لنا شيئاً، وتكونين أنت شفيعة، فأعيره ثم أرتجعه، هذا من عمل العوام لا الخلفاء. ولكن إذا كان محله من رأيك، هذا، حتى قد حملت على نفسك بخطابي وتجشمت زيارتي، وأنا أعلم أنه ليس من أوقات الزيارة، فقد وهبت له القرية، فمري بحملها بجميع آلاتها إليه، وقد رأيت أن أشرفه بشيء آخر، يحمل إليه غداً جميع وظائفنا، ولا يطبخ لنا شيء البتة، بل يرسل إليه، وبؤخذ لنا سمك طري فقط.
وأمرت السيدة بنقل القرية، فتملكها أبو القاسم.
فهذه قصة بسيطة، على أن فيها كثيراً من حياة القصر زمن المقتدر، وهي تبين لنا طرق الكلام، والمحادثة، وطرق تآمر النساء على الخليفة، وطرق تبذير الأموال. على أن أعظم هذه الأشياء كلها، هو تأثير نظم والسيدة في الخليفة، وانقياد هذا الخليفة للنساء، وتركه الأمور لهن يصرفنها كيفما شئن وأردن.