هذه دمشق يا سيدي، أفيوفي حديث دمشق في مقالة؟ فأمهلني أعد إليك محدثاً. . . وأطل الحديث.
هذي دمشق أقدم مدن الأرض وأجملها، هواؤها أطيب هواء، وماؤها أعذب ماء، وطعامها أمرأ طعام، ومنظرها أبهى منظر، ومخبرها أحسن مخبر، ولسانها أفصح لسان، وسكانها من أكرم السكان، فيها العلم والأدب، والتقى والصلاح، والحب فيها واللهو، وفيها الفتون والجمال.
هذي دمشق كانت لب العربية، وبقيت لب العربية، وستطلع على العصور القوادم وهي للعربية لب وقلب وفؤاد، لها بين الماء الذي لا يضحك به بردى وشدة الصخر الذي يشمخ به قاسيون، وصراحة السهل الذي تزدهي به المزة، وكرم الأرض التي تعطى (في الغوطة) أكلها أربع مرات في العام.
لها لين بردى، ولكن بردى إذا ضيوق بالسدود، علا وفاض واجتاح البلاد والعباد، ودمر كل شيء يقف في طريقه، ويقطعه عن مراده، فقل للغافلين:(لا يغرركم من بردى لينه وابتسامه) فأنه سرعان ما يعبس ويثور). فاتقوا غضب الحليم!