يتدلى منه سلسلة متينة، تحمل في طرفيها صندوقين كل صندوق في فوهة. والسلسلة من الطول بحيث إذا حاذى أحد الصندوقين وجه الأرض، مس الآخر أرض المنجم على عمق خمس وسبعين ومائتي ياردة. هذا هو الرافع الذي يرفع به الفحم إلى سطح الأرض ولكنه لا كالذي نعرف عن الرافع، فأنه على سماجته التي لا تليق بما جعل له، عجيب في نظامه وحركته. وهو يتحرك بالكهرباء: يدير العامل مفتاحا في إحدى تلك القوائم، فيدق جرس صغير ثلاث دقات في باطن الأرض وفي ظهرها ايذانا، وعندئذ يهوى أحد الصندوقين ويرتفع الآخر بسرعة ثلاثين ميلا في الساعة. وكل منهما في بدء هبوطه يدع سلسلة كان قد رفعها تقل حاجزا من خشب فيسد باب الفوهة، فإذا ما قارب الصندوق مقره في صعوده رفع السلسلة فأنفتح الباب.
بدأنا النزول منتصف الساعة السابعة، فدخل منا عشرة صندوقا فوسعهم مع العامل واقفين متلاصقين. وإذا في أرض الصندوق قضيبان حديديان إذا بلغ الصندوق أرض المنجم كونا جزءاً من السكة الحديدية الممتدة فيه، وعليهما توقف عربات الفحم وترتفع بما فيها إلى سطح الأرض. والهابط إلى المنجم يشعر بما لعلك شعرت ببعضه إذا كنت هبطت راكبا بعض مصاعد الحوانيت التجارية أو المباني الكبرى. يخيل إليه أن الرافع قد هوى من تحت قدميه، ويقوى هذا الشعور عنده كلما زادت سرعة الهبوط حتى إذا بدأت تتناقص في النصف الآخر من المسافة وأحس حمل أرض الرافع لقدميه أكثر من قبل خيل إليه أنه صاعد وليس بصاعد. وفي صعوده يشعر بعكس ما شعر في هبوطه. فلما تكامل عددنا داخل المنجم ذهبنا إلى غرفة الملابس فخلع بعضنا فيها رداءه، ثم سرنا في طرق فيها بعض سعة سقوفها أقبية مبنية، ونورها مصابيح كهربائية، نريد زيارة الجهاز الكهربائي الضخم الذي يجر عربات الفحم من مسافة لا تقل عن ميل. ولا تظن العربات تتحرك كما يتحرك الترام، ولكن بحبل غليظ مشدود بها إذا دار الجهاز دارت اسطوانة كبيرة بسرعة كبيرة فالتف عليها الحبل فانجرت العربات. ثم ذهبنا فرأينا مرابط الخيل التي تجر العربات فيما وراء الميل، فإذا هي ليست أسعد حالا من خيول جر الأثقال في مصر. وهي شر منها في أنها قائمة نائمة تحت الأرض لا ترى الشمس بعد نزولها المنجم حتى تموت.
ثم سرنا بعد ذلك ميلين في طرق تضيق حتى لا تكاد تتسع لشخصين يسيران جنباً لجنب،