وجاز الدهليز، وحين أراد امتطاء الفيل خرج الناقد من مخبئه خلف شجيرة وقال بخبث:(هل رأيت العصفور يا مولاي؟)
فأجل الملك وقال:(لم أر العصفور حقاً) وكر راجعاً مع الأساتذة وهو يقول: (أريد أن أعرف الطريقة التي اتبعتموها في تعليم العصفور، فلما رآها الملك وجدها بديعة، ولم يلاحظ نقصاً في شيء، كما أن الأوامر كلها مرعية، ما كان في القفص ماء ولا حَب، وإنما كان يحشى فم العصفور بأوراق الكتب، فلم يعد قادراً على التغريد، إذ لم تبق أدني فرجة يخرج الصوت منها؛ وما كان أبشع المنظر! وقبل أن يمتطى الملك الفيل أمر بالناقد فلكمه جنده.
- ٦ -
وغدا العصفور دقيقاً رقيقاً على مر الزمن حتى بدا كالميت، لكن الحراس ظنوا أنه مازال هناك أمل، والتفت العصفور نحو ل الضوء في الصباح، ورفرف بالغريزة على حائط القفص بجناحيه، وحاول أن يقطع أسلاك القفص الذهبية بمنقاره الواهن، فصاح الحارس: (أي أحمق!) وأسرع فأحضر الحداد فصنع أسلاكا من الحديد، ثم قصوا جناحي الطائر.
وقال أصدقاء الملك وهم يهزون الرءوس:(ليست طيور هذه الملكة جاهلة فحسب، وإنما تجمع إلى الجهل نكران الجميل)، وعاود المعلمون واجبهم باليقين الراسخ، ورجع الحداد قريراً بإلعطاء الجزيل، والحارس القانع بالراتب المبذول جزاء انتباهه
- ٧ -
وقضى العصفور، ولميعرف أحد متى مات، واذاع الناس قالة السوء، واستدعى الملك ابن أخيه يسأله عما حل بالعصفور: