والدليل على ما قلت إنه - أدام الله عزه - لم يثبت اسمي. جعلني (محمداً) واسمي (أحمد) فإن احتج بأن هذين الاسمين سواء لقوله تعالى: (محمد رسول الله، والذين معه. . . الخ).
ولقوله في موضع آخر: (برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) فإن ذلك إنما كان للنبي (ص) خاصة، لأنه قال: (اسمي في السماء أحمد، وفي الأرض محمد).
فإن قال: (إن العرب قد يكون للرجل منهم الاسمان والثلاثة) واحتج بقول دريد بن الصمة:
(تنادوا فقالوا: أردت الخيل فارسا ... فقلت: أعبد الله ذلكم الردى)
وقال فيها:
فإن تُنْسنا الأيام والعصر تعلموا ... - بنى قارب - أنا غضاب بمَعْبد
(والمعري إنما يستشهد بهذا البيت لأن معبداً وعبد الله علمان على شخص واحد) فإن ذلك لا يخلو من أحد أمرين:
(إما أن يكون للرجل اسمان) ولست كذلك، وإما أن يكون الشاعر غيّر اسمه للضرورة. ولو كان غير اسمي في النظم - دون النثر - لكان عذره في ذلك منبسطاً لأن الشعراء الجلة يغيرون الأسماء. قال الحطيئة:
(وما رضيت لهم حتى رفَدتهم ... من وابل رهطِ بسْطامً بإحْرام
فيه الرماح، وفيه كل سابغة ... قضّاء محكمةٍ من نَسْج سلام
أراد سليمان عليه السلام. وهذا تغيير على غير قياس لا يسلك مسلك غيره، من قولهم: عالية وعُلية. وفاطمة وفطيمة في القصيدة الواحدة يعنون امرأة بعينها.
ولا مجرى قولهم أبو قابوس وأبي قبيس للنعمان بن المنذر لأن هذا ترخيم التصغير. إلى أن قال: (ولا ندفع أن الشعراء قد سموا الرجل باسم أبيه على سبيل الضرورة وهكذا إلى أن قال: (وأنا أتسامح له، وأعدها زيناً لا شيناً، إذ كانت قذاة في بحر مزبد، بل أثر سجود في جبهة متعبد. وله أن يقول: إنه تشبث بالكنية فاستغنى بها عن الاسم. أما أنا فحفظت اسمه ونسبه وكنيته، ولم أنس أيامه ولا مذاكرته. وقد جعلت جواب كتابه نائباً مناب الاجتماع معه، فلا ينكر عليّ الإسهاب في المحاورة، والإكثار من المفاوضة.
(البقية في العدد القادم)
كامل كيلاني