وعلى هذه النظرية العبرية يكون موطن القبائل الإسماعيلية هذه المنطقة التي نزل بها إبراهيم وإسماعيل وهي منطقة فلسطين وطور سيناء وشرق الأردن ومنها انحدرت القبائل الإسماعيلية إلى سائر الأنحاء كالحجاز.
ومن رأى المستشرق مركليوث أن كلمة (إسماعيل) العربية التي وردت في القرآن الكريم عدة مرات، هي ذات الكلمة التي وردت عند اليهود بصورة (يشماعيل) مبتدأة بحرف العلة. وإن هذا التشابه يجعلنا نعتقد بأن العرب قد أخذوا عن اليهود بطريق اليونانية أو السريانية، لأن النصوص العربية القديمة التي وردت فيها كلمة (إسماعيل) كانت تكتبها (يشماعيل)، أي مبتدأة بحرف (ي)، أي على نحو ما كان يدونه اليونان أو السريان.
ويرى هذا المستشرق أيضا أن العرب القدماء لم يكونوا يعرفون شيئاً عن ابراهيم، ثم تعلموا ذلك في أيامهم المتأخرة بعد اتصالهم بيهود الحجاز، فلما تعلموا ذلك صاغوا الكلمة بالقالب الذي صاغوا به كلمتي (إسماعيل) و (إسرائيل) وما شابه ذلك. وعلى كل، فإن هذا هو رأي مستشرق وهو رأي يحتاج إلى دليل.
وما دامت معرفتنا بالأساطير العربية القديمة وبديانة العرب وأخبارها لا تكاد تكون شيئاً، فإننا لا نستطيع أن نبحث في هذا الباب بحثاً صحيحاً. والمصادر العربية الكتابية لا تشير إلى كل حال بأية إشارة إلى اطلاع العرب على جداول الأنساب اليهودية، بل يظهر منها أن القبائل العربية كانت تنتسب حينما تنتسب إلى آلهتها المحلية، فقد كان لكل قبيلة صنم أو أصنام تنتسب إليه أو إليها، وقد كانت هذه الأصنام هي رابطة تلك القبائل، وكانت تحتمي بتلك الأصنام، كما تدل على ذلك عبارات مثل (عم صدوق) أو (عم نكرح) وما شابه ذلك.
وإذا ما تقوت القبيلة وازداد نفوذها، تقوى صنمها طبعاً، وكثر أتباعه ومعظموه، فتندمج القبائل المتحالفة بها، وتنتمي إليها وتنتسب إلى ذلك الصنم، وتصبح وكأنها من نفس تلك القبيلة. وهذا النوع من النسب الذي يكثر وجوده في مملكة المعينيين والسبئيين لا يشابه جدول الأنساب عند اليهود.
وقد حاول المستشرق ماركليوث البحث عن الوطن الأصلي لليهود، ذلك الوطن الذي أهملته الكتب اليهودية تماماً ولم تتعرض له ألبتة. وقد قارن بين أسماء الآلهة عند اليمانيين