- (إذن عليكم بالسكون. . . (بوب). . . دع رجالك. وارغب عن صليل هذا السيف الصغير. . . وستجلس (فلورا) جواري كالسيدة الصغيرة، وتكون في هدوئها وإصاختها السمع مثلاً يحتذيه باقي الجماعة. . . (تانج) اجلس كما يحلو لهواك وبغيتك، ولكن في هدوء وإصغاء. . . والآن. أديروا صنبور الغاز قليلاً لكي تستعر النار وتتوهج. . . وينبغي على كل صبي أن يجنح إلى الصمت. . . ومن يسبب أدنى ضوضاء، فلن يبقى بين جدران هذه الغرفة. . .)
وسادت إثر ذلك آونة من الصمت العميق. . . فأسند (بوب) سيفه إلى جانبه. . . وداعبت (فلورا) دميتها قليلاً، ثم أرقدتها وجلست جوار الطبيب. . . أما (فنج تانج) - ذلك الطفل الوثني الصغير الذي أتيح له أن يحضر مباهج (عيد الميلاد) - فقد ارتسمت على ثغره ابتسامة عذبة فيها حلاوة وفيها براءة.
وكانت الدقات التي تنبعث من الساعة الفرنسية المستقرة فوق المدفأة. . . تعكر صفو ذلك الهدوء الذي خلعته روعة (عيد الميلاد) على حجرة الجلوس حيث تناثرت اللعب، والعلب المصنوعة من خشب الأرز الطيب الرائحة. . . والأزهار الفياحة عطراً. . .
بدأ الطبيب يسرد قصته قائلاً:
(منذ أربع سنوات - في مثل هذا الوقت - حضرت حفلة (عيد الميلاد) في منزل صديق من أصدقائي المدرسين. . . وشملني شيء من المرح، إذ سيتاح لي أن أرى إبناً من أبنائه على الرغم من أنه في الثانية عشرة من عمره إلا أنه كان على مبلغ وافر من العبقرية والنبوغ. . . فقد حفظ من قصائد الشعر اللاتيني والإنجليزي ما لا أستطيع له حصراً. . .
كما كان في مقدوره أن يؤلف قصائد وأشعاراً رقيقة لها روعتها ولها جمالها. . .
وليس بمقدوري أن أحكم على أشعاره، فما أنا ممن أوتوا القدرة على النقد، ولكن ثمة بعض النقاد أعجبوا بما أوتي من الموهبة الفائقة على نظم الشعر في مثل سنه المبكرة. وتنبأوا له بمستقبل زاهر في ساحة الشعر والأدب. . . بيد أن والده كان على الضد من ذلك: رجل حقائق وعمل لا رجل خيال وأدب. . .
كانت الحفلة مبهجة مرحة. . . وكان الأطفال قد تجمعوا من كل صوب ومكان. . . ووقف معهم ذلك الغلام - وهو في طوله مثل (بوبي). . . وفي أدبه وخلقه مثل (فلورا) التي