بجواري. . . كان الجميع يدعونه (روبرت). . . أما صحته فكانت معتلة ضعيفة واهنة. . . وطالما شكا إليّ أبوه من قلة لعبه مع من هم في سنه من الصبية وتفضيله اللبث في البيت مغموراً بين الكتب والأوراق يطالع ويكتب. . .
وكان ثم (شجرة لعيد الميلاد) كشجرتنا هذه. . . وكثيراً ما ضحكنا في عبث ولهو مع الأطفال الذين راحوا يتسلمون هداياهم المعلقة في الشجرة. . . وشملنا جميعاً جو من المرح والصفو. . .
وبغتة ندت عن غلام صيحة فيها مزيج من العجب والطرب وقال:(هاك!! شيء لروبرت! فماذا أنتم قائلون؟!)
فراح يخمن كل منا:
- (قلم من الذهب.)
- (كتاب للشاعر ملتون. . .)
- (قاموس للقوافي. . .)
بيد أن الغلام قال على دهش منا:
- (ليس شيء من ذلك إنما هو!. طبل.)
- (ماذا؟!!)
- (طبل. . . وعليه اسم روبرت)!
فارتفعت صيحات الضحك من أفواهنا. . . فقد كانت دعابة حقاً. . . وقال أحدنا:(هه. . . أرى أنك ستحدث في العالم دوياً هائلاً يا روبرت!.) وقال آخر (ما هذا الطبل إلا لوزن الشعر!) وترت الأقوال وتعددت فيها دعابة وفيها عبث. . . بيد أن روبرت أبى أن ينبس بكلمة. . . وشحب لون وجهه. . . وأطلق صيحة فيها حقد واضطراب، وبرح الغرفة. . . فأحس هؤلاء الساخرون شيئاً من التألم والتأنيب. . . وانهالت الأسئلة فيمن أتى بهذا الطبل. . . ولكن دون جدوى. . . ولم يعد (روبرت) إلى الغرفة ثانية تلك الليلة. . .
وضرب النسيان ستارة على هذه الحادثة فقد اشتعلت حرب العصيان الأهلية في الربيع التالي. . . وعينت في أحد الفيالق.
وفي طريقي إلى ساحة القتال مررت بالأستاذ المدرس. . . فكان أول سؤال - إبتدره به