ولقد ظل هؤلاء جميعا: الكتاب المأجورون، أو المخدوعون. والساسة الضعفاء، أو الجهال. . . . ظلوا يسكبون في سمع الأمة المصرية، وال أمة العربية كلها، منطقا زائفا مدخولا عن الديمقراطية الغربية، وعن الضمير البريطاني، وعن ميثاق الأطلنطي، وعن الحريات الأربع، وعن الحرية والإخاء والمساواة، إلى أخر تلك الخدع الماكرة اللئيمة، التي ألقاها الأقوياء للضعفاء، فتلقفها هؤلاء، وغنوا بها كالببغاء!
ظل هذا المنطق البائس المجرم يسكب في سمع الأمة، حتى انبعث أخيرا ذلك المنطق الحق الصارم، الذي لا عوج فيه ولا خفاء. ذلك منطق الدماء!
انبعث هذا المنطق من جراحات الجرحى، ومن طعنات القتلى، في ميدان الإسماعيلية، وانطلق كذلك من أفواه البنادق الآثمة، التي دوت بالموت والجراح، في الأبدان والأرواح. فغطى هذا المنطق الحاسم الصارم، على ذلك المنطق المريب الكذوب، الذي ظل الكتاب المأجورون أو المخدوعون، والساسة الضعفاء أو الجهلاء، يسكبونه في سمع الأمة ستة أعوام!
وإذا كان المنطق الزائف البائس، قد وصل إلى سمع الأمة ووقف هناك، فلقد اخترق المنطق الحق الحاسم سمعها، واستقر في قلبها، وردده ضميرها. . . فهيهات هيهات أن تخدع بعد اليوم! وهيهات هيهات أن تنسى منطق الدماء!
انتهينا. . . . انتهينا أيها الحلفاء!!!
لقد قبضنا اللحضة الثمن الغالي لتلك الدماء!!
قبضناه وعيا وصحوا لن تخدرنا المخدرات! قبضناه حزما وعزما لن تفلهما المغريات! قبضناه احتقارا ومقتا لكل تلك الدعايات!!
الحمد لله. لقد انكشف الغطاء!
انكشف في مصر في يومين خالدين في تاريخها الحديث، على ما يثيران من آلم فاجع في صدور المصريين أجمعين: يوم ٤ فبراير المشؤوم. ويوم الجلاء. . . المضمون!
وانكشف في لبنان يوم انقضت السلطات الغاشمة الفرنسية على رئيس الجمهورية ووزراء الجمهورية، فأودعتهم بطون السجون! وانكشف في سورية يوم انطلقت المدافع المتبربرة تصب حممها على دمشق، وتنثر الأشلاء، وتقتل المجاهدين الأبرياء!