للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جسمهم من القتلة وتبيح قلوبهم؟ وتقيم الحراس يحرسون البيوت والأثاث وتدع أعراض البنات وأخلاق الصبيان هملا يسرقها ويعبث بها، كل صحفي مفسد، وشاعر ماجن، وكاتب خبيث؟

سيقولون: حرية الكتابة. . .

نعم إنها حرية ينبغي أن تصان وتضمن، ولا يعتدي عليها، ولا ينال منها، ولكن الدين والأخلاق، ينبغي كذلك أن يصانا وان يضمنا، وألا يعتدي عليهما ولا ينال منهما، فإن تعارض الأمران، فلنحمل أخف الضررين، ولنقبل بأهون الشرين، وأهونهما أن نخسر حرية الكتابة (أحيانا) لنحفظ الدين والشرف، لا أن نخسر الدين والشرف لنحفظ (حرية الكتابة)، ونقول لكل صاحب نحلة ضالة، أو هوى خبيث، أو رأي هدام: اكتب ما تريد، واطبعه، وهاته نقرأه على أبنائنا وبناتنا، ونصبه في عقولهم وننشئهم عليه!

ونحن اليوم في مطلع حياة جديدة، وقد غيرت هذه الحرب المقاييس، وبدلت قيم الأشياء في إفهام الناس، وكانت امتحانا قاسيا للأمم لم تنجح فيه أمة فشا فيها الفجور، وعمت الفاحشة وضعفت الرجولة، ونسيت العقيدة، ولن يدوم نجاح لأمة لا تزال تستهين بالعفاف وتميل إلى المجون وتؤمن بالكفر. . . وحسبنا فرنسا مثلا معروضا لكل ذي عينين تبصران وعقل يفكر فلنعتبر بغيرنا قبل أن نصير عبرة للمعتبرين، ولتفهم حكومتنا انه لا حياة لنا إلا إذا أنشأنا من أبنائنا جيلا مؤمنا متين الخلق، ظاهر الرجولة، مقبلا على الجد، عارفا بالواجب عليه فإذا تركت الحكومات الصحفيين والكتاب (اعني بعضهم) ينقض كل يوم حجرا من صرح الأخلاق، ويوهي جانبا وينشر في الناس حديث الشهوة الهيمية، ويستكثر من القراء بإثارة أحط الغرائز البشرية، لم ننشئ والله إلا جيلا رخوا ضعيفا همه شهوته، ومطلبه لذته، قد ضاعت رجولته وذهبت قوته ثم نبي بهذا الجيل مجدنا ونقيم عزنا ونأخذ بين الأمم مكاننا!

أن المسالة اكبر من أن نلوك فيها هذه الألفاظ (حرية الكتابة) (وحرية الفكر). . . إنها مسالة حياة أو موت!

٢ - أمثلة على حرية الكتابة

وما في نشر الفاحشة صعوبة، ولا يحتاج إلى عبقرية أو بلاغة أو أدب أو نبوغ، وحسب

<<  <  ج:
ص:  >  >>