الرجل ان ينشر في كتاب ما يطوى في الخلوة، أو أن يظهر في صورة ما يستر من العورة، حتى ينال منه ما يريد.
فتجرأ الناس على الأدب، واقتحموا حماه من غير أن يعدوا لذلك عدته من وقوف على اللغة وأساليبها، واطلاع على صرفها ونحوها، ونظر في رسائل بلغائها ودواوين شعرائها. وفيم هذا العناء كله، وأدب الشهوة، لا يحتاج إليه، ولا يعتمد عليه؟ وما هي إلا سهرة في الخمارة، أو ليلة في (المرقص. . . .) حتى تجمع أسبابه كلها ومقوماته.
طبع في دمشق منذ سنة كتاب صغير، زاهي الغلاف ناعم ملفوف بالورق الشفاف الذي تلف به علبه (الشكولاته) في الأعراس، معقود عليه شريط احمر كالذي أوجب الفرنسيون أول العهد باحتلالهم الشام وضعه في خصور (بعضهن) ليعرفن به، فيه كلام مطبوع على صفة الشعر فيه أشطار طولها واحد، إذا قستها بالسنتمترات. . يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق القارح، والبغي المتمرسة المتوقحة وصفا واقعيا لا خيال فيه، لأن صاحبه ليس بالأديب الواسع الخيال، بل هو مدلل، غني، عزيز علي أبويه وهو طالب في مدرسة. . وقد قرا كتابه الطلاب في مدارسهم، والطالبات.
وفي الكتاب مع ذلك تجديد في بحور العروض، يختلط فيه البحر البسيط بالبحر الأبيض المتوسط، وتجديد في قواعد النحو لأن الناس قد ملوا رفع الفاعل، ونصب المفعول، ومضى عليهم ثلاثة آلاف سنة وهم مقيمون عليه فلم يكن بدمن هذا التجديد. ومع ذلك فقد قرانا في الجرائد من نحو شهر، أن صاحب هذا الكتاب قد دعي إلى محطة الإذاعة في القاهرة، ليذيع منها شعره، رغبة منهم بنشر الأدب السوري، وتوثيقا للتعاون الثقافي بين الأقطار العربية!!
وهاكم مثالا اخر، هو الكتاب الذي صدر في دمشق منذ عهد قريب، واسمه (مختصر تاريخ الحضارة العربية)، وقد وضع لطلاب المدارس الثانوية ونصف مباحثه، في القرآن وعلومه، والحديث وفنونه والفقه أصوله وفروعه، والكلام، والفرق الإسلامية وعقائدها، والذي راع صدوره العلماء لما فيه من التخليطات التي يكفر بمثلها المؤمن، ويجهل العالم، ويضحك منه على ذقن قائله، وألف مفتي الجمهورية لجنة للنظر فيه فنظرت فوجدت فيه من الغلطات ما لا ينتهي العجب من صدوره ممن ينتسب إلى العلم ولو من وراء خمسة