اثر اللوثرية والكلفنية في رغبة هذا الفريق في التخلص من مظاهر الكنيسة البابوية. ولقد كان لغضبة هنري الثامن على البابا وفصله كنيسة إنجلترة عن كنيسة روما أثره كذلك في نفوس هذا الفريق، فلئن كان ذلك الفصل من حيث الرياسة فحسب، مع بقاء العقيدة الكاثوليكية وطقوسها على ما هي عليه، إلا انه زعزع هيبة البابا في نفوس الإنجليز إلى مدى واسع، وجعل نزعة الإصلاح تستند إلى دعوى مشايعة السلطة الحاكمة ضد البابوية.
واخذ يزداد عدد هؤلاء الذين رغبوا في التخلص من مظاهر البابوية، وأخذت تشيع فيهم مبادئ الإصلاح الديني العام وعلى الأخص آراء كلفن وتعاليمه الخلقية، فلم ينته القرن السادس عشر حتى كان منهم فئة دينية رأينا كيف سميت باسم البيوريتانز؛ وأصبح لهذه الفئة نظرة إلى الحياة خاصة بها، لا في العقيدة الدينية وحدها، ولكن في السياسة كذلك وآداب المجتمع والأدب والفن؛ ولما تم لهم السيطرة السياسية استطاعوا أن يأخذوا المجتمع بمبادئهم أخذا قويا لا هوادة فيه، ولكنهم غلوا في تلك المبادئ غلوا كبيرا حتى تجاوزوا ما تطيقه مشاعر الأمة.