للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكتب رصت فوقه أكداس مكدسة من الدفاتر والملفات التجارية، ورأى الكاتب قد انهمك في تقيلها واحدا واحدا، وقد امسك القلم بيده يثبت في ورقة أمامه ما يلزم منها؛ وانه لم يشعر بدخول القروي لانصرافه إلى ما بين يديه. ورأى أيضا الخادم الذي قاده ما زال ممسكا بمقبض الباب في انتظار أمر سيده ثم قال: أريد أن أقول لسيادتك كلمة على انفراد. فأومأ (فريد) إلى الخادم أن ينصرف والتفت إلى الكاتب وقال:

- (يا اكرم)! اعتقد انه ليس لديك ما يمنع أن تشرب القهوة في حجرة الاستقبال وان تأمر لنا بقهوتنا هنا، فغادرهما الكاتب صامتا. ثم أن فريدا ابتعد بكرسيه عن المكتب وجلس قريبا من الموقد وأذن للقروي أن يجلس بجواره، ثم اخرج علبة (التبغ) وقدمها للضيف فاعتذر بأنه لا يدخن فقال له فريد: وأية كلمة تلك التي تريد أن تتحدث ألي بها؟

- وهل أنت السيد عفت

- نعم أنا هو.

- اعذرني يا سيدي! فقد أزعجتك وأنت مشغول ولكني - أطال الله عمرك - أظطررت إلى ذلك لأني في مسيس الحاجة إلى صادق معونتكم، وحسن إرشادكم، لنصبح في وقت قصير ذوي مال وفير وجاه عريض

- وأي معونة تحتاج أليها منا. . .؟

- أنت - ولله المنة - في بسطة من العيش؛ فقد وهبك الله فوق ما يتمنى الإنسان من الغنى. وأنا - والحمد لله - لا أشكو ضيق العيش فحالتي المادية ليس بها من باس ولكن قل أن يقنع المرء.

دهش فريد من هذا الكلام وأراد أن يطلب إلى الضيف أن يختصر هذه المقدمة وان يأخذ في الموضوع الذي جاء من اجله، ولكن مهارة (بيرام) - وهكذا كان يسمى - في إلقاء الكلام حملته على أن يصغي إليه ليتم حديثه فقال: منذ أيام وأنا أواصل البحث في (اشقودراه) عن رجل جمع إلى شرف النفس، مضاء العزم، وأصالة الرأي، وغزارة المعرفة، وسل أمة التفكير، وأني اعتقد أني قد وصلت الآن إلى ما كنت ابغي فأني أقرا في صفحات وجهك آيات الحزم والوفاء وأني واجد - لا محالة - في قلبك حصنا للأسرار حصينا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>