للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويفتح لهم أبواباً جديدة.

وقد لاحظ الأستاذ طه حسين على شاعرنا أن قول فيه أحياناً غير متفقة في مثل (نورها وقبرها) وفي مثل (فاتها ويواقيتها) و (ووجهها وتيهها) في قصيدة (الله والشاعر) وهذه الأمثلة حقيقة نادرة في الكتاب. ولكن يجمل بشاعرنا الذي ينشد الكمال أن يلاحظها:

ولقد يؤخذ على شعرائنا المحدثين انهم قلما يهتمون بدراسة موضوع العروض والقوافي في اللغة العربية. اتكالاً على أن هذا من الأشياء التي تجيء للشاعر الموهوب عفواً. هذا مع أن الكثير منهم - وليساحب (الملاح التائه) أحدهم - ربما خلط - بين الوافر والهزج، وبين السريع والكامل، وبين الكامل والرجز. ولو أنهم أتعبوا أنفسهم قليلاً في دراسة كتاب مختصر عن الوزن والقافية لكفوا أنفسهم شر هذه الزلات.

إن العرب قد اصطلحت على أن القوا في الآتية - مثلا -:

ليلى - ذْيلا - قوْلا - هولا. لايجوز أن تجتمع في قصيدة واحدة مع هذه القوافي - مثلا -: قبلا - عدلا - جهلا - مهلا. فالمجموعة الأولى فيها حرفا علة - الواو والياء - لهما موسيقى خاصة لا تتفق مع الحروف الساكنة الأخرى. فلو عرف شعراؤنا هذا الاصطلاح العربي القديم لأمكنهم أن يتذوقوا القافية التذوق اللازم. وليس من حسن السياسة في شئ أن نجهل أو نتجاهل ما اهتدى إليه الشعراء من قبل باحساسهم وذوقهم. ومهما كما كانت غرائز شعرائنا قوية وصادقة. فان جموع غسرائز شعراء العربية في مختلف العصور والبلاد أقوى وأصدق. لهذا كان لابد لشعرائنا من دراسة العروض دراسة وافية لكي يطلعوا على زبدة تجارب المتقدمين.

وفي الختام أهنئديقاحب (الملاح التائه) على كتابه البديع الذي قد تبوأ مكاناً ثابتاً خطيراً في الأدب العربي. واذا كان الأستاذ طه حسين قد قال عنه إنه مبتدئفليس معنى هذا أنه ينقصه النضوج أو الجمال. فهذا واضح في الكتاب كل الوضوح. ولكن معنى ذلك في نظرى أن لديه ما لمبتدئ من حماس ومن قوة ومن سعي وراء الكمال.

جوان لي بان

عوض

<<  <  ج:
ص:  >  >>