للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(عملت عدة أعزيه بمدرسة الإمام الشافعي رضي الله عنه وجامع أحمد بن طولون والجامع الظاهري بالحسينية والمدرسة الظاهرية والمدرسة الصالحية النجمية ودار الحديث الكاملية بين القصرين والخانقاه الصلاحية برحبة باب العيد والجامع الحاكمي داخل القاهرة المحروسة وذكر الختمات التي قرأت والخيرات التي عملت وفي ذلك دليل على أن المآتم كانت تقام بالمساجد وكان الناس يجلسون للعزاء، وكانت تقام فيها صلاة الغائب وينادي بالنعي من المآذن.

فهل هناك ما يمنع من الأخذ مرة أخرى بتلك السنن، وان يجتمع الناس بالمساجد الجامعة في أحيائهم لذكرى المولد النبوي، وللاحتفال بأعيادهم؟ لا أجد نصاً واحداً يمنع الأخذ بذلك، بل قد رأيت طول القرون الماضية ما يؤكد المنزلة التي كانت للمساجد الجامعة في مصر وغيرها.

ذكر صاحب الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، حديثا طويلا عن الخطباء، الذين أمرهم السلطان الغوري أن يخطبوا بين يديه في أيام الجمع، يفهم منه الاهتمام الكبير الذي كانت توليه الدولة المصرية في عهدها الإسلامي العربي لشؤون الخطابة في المساجد الجامعة، ولذلك لا نختلف مع نظرية حمد الله صبحي بك في شيء بل إن الفكرة تستند على ماض طويل، وتحتاج أولا إلى من يحييها ثم من يجعلها ملائمة لتطور الزمن. ونقول بكل صراحة: إن مظاهر الضعف والتفكك والتدهور الأخلاقي البادية في صفوف المسلمين المعاصرين، ترجع إلى اعتكاف علماء الدين، وإلى اتخاذهم المكاتب والحجرات بدل المساجد، ولو نزلوا إلى الشعب الإسلامي كما نزل الرسول وأصحابه والتابعين وتابعوا التابعين، وتولوا الإمامة والخطابة بأنفسهم، لخلقوا حول المساجد هالة من التقديس والاحترام، ولأصبحت المساجد الجامعة في قاهرة المعز لدين الله، عامرة آهلة بألوف المصلين من عباد الله.

إن المساجد الجامعة بيوت الله، يجب أن يعمل علماء الدين على اجتذاب الناس إليها، وان يربى الطفل والطفلة والشاب والفتاة والنساء والرجال على المداومة على الذهاب إليها، وان يكون الإمام والخطيب رجل دعوة وإيمان وعلم وجرأة، عالماً بشؤون الدنيا بقدر علمه بشؤون الدين، أعظم صفة لديه (الابتكار) وأن يفيض قلبه بمحبة الشعب ودعوة الناس

<<  <  ج:
ص:  >  >>