جند هتلر قلباً، وأعظم بطولة، وأعجب نصراً، فلقد حارب هتلر بعدّة ضخمة وعديد، وجيش مدرب شديد، ووسائل إلى التقتيل والتدمير يعجز عن تصورها إبليس، ثم غلب هتلر ووسائله وجيوشه، وقام العرب لفتح الدنيا أمام القرآن، وهم لا يملكون جيشاً مدرباً، ولا قائداً عسكرياً متعلماً، وما سلاحهم إلا سيوف ملفوفة بالخرق، ثم طحنوا بأيمانهم أعظم إمبراطورية في معركتين اثنتين، القادسية ونهاوند، وأزاحوا عن ظهر الأرض أثقل عرش، وخلصوا دنيا القرن السابع من جبروت كسرى وقيصر، ثم انتشروا في أرجاء الكون، من جنان الشام إلى سهول العراق ومصر، إلى صحارى أفريقية وتركستان، إلى جبال الألب والقفقاس، إلى جزر البحار إلى ثلج روسيا، إلى لظى الحبشة، لم يدعوا بقعة من الأرض إلا سكنوها وحكموا فيها باسم الله وبشرع محمد، وهم كانوا القابعين في رمال الجزيرة، يخشون تابعاً من أتباع قيصر في الشام، ويرجون تابعاً من أتباع كسرى في العراق، ويسمونه ملك العرب!
هذه هي مزية الفتح الإسلامي؛ فإذا كانت الفتوح عاصفة مدّمرة فهو الغيث الممرع، وأن كانت القتل والحراب والفوضى، فهو البناء والنظام. . . فيا أيها (المذيع) قد بطل فخرك بفتح هتلر، وقد ذهب هتلر وفتوحه مع أمس الدابر، ولم يعقب إلا الفساد في الأرض، وسيذهب كل فتح قام على القهر واعتمد على الظلم. . . . ويظلّ (الفتح الإسلامي) راسخاً رسوخ الأرض، باقياً بقاء الزمان، ولا يزال مفخرة لكل من قال أنا إنسان!
فيا أيها المنتصرون؛ هاتوا مثل هذا الفتح، أو فاسكتوا، لا تفتخروا!!