على أن ما يؤيد ما ذهبنا إليه، من أن هذه القاعة الواسعة في قصير عمرة ليست للاستقبال، وجود مشاهد مثيرة على الحيطان، لا يمكن أن يضعها خليفة في قاعة يستقبل بها الناس. فمن هذه المشاهد: مشهد امرأة ذات قامة فارعة نصفها الأعلى عار رفعت يديها فوق رأسها المحاط بضفائرها، ومشهد آخر يمثل امرأة عارية تماماً يبدو جسمها كله وهي ترقص وتقوم بحركات تظهر فتنة جسمها. ومشهد ثالث يمثل امرأة مستلقية في سريرها، وضعت يدها على ذقنها وأخذت تنظر بيأس. ومشهد رابع يمثل امرأة عارية، يخفق ثوب شفاف عند سيقانها، وهي مستندة إلى رجل نضد، كفها اليسرى على ذقنها، تحلم وترنو إلى رجل في الطرف الثاني، مستلق يتأملها أيضا ويرنو إليها، وغير ذلك. (انظر:
١١١ ٨٧ - ٩٢.
وانظر هذه المشاهد مصورة في ملحق هذا الجزء).
فهذه المشاهد المثيرة لا توضع إلا في مكان يلهو الخليفة به مع قيانه قبل الاستحمام أو بعد الصيد، وهذا أقرب للعقل لو تفكر المرء فيه.
وعلى هذا يكون إدخال قصير عمرة وحمام الصرخ في عداد القصور غير صحيح.
٥ - تاريخ بناء مسجد نور الدين في الموصل:
في المقال الجيد الذي كتبه معالي الدكتور داود الجلبي عن بدر الدين لؤلؤ في مجلة سومر (ج١، م٢) - التي تهنئ مديرية الآثار العراقية عليها - إشارة إلى تاريخ بناء مسجد نور الدين محمود زنكي في الموصل.
فقد ذكر الدكتور أن المسجد كملت عمارته سنة ٥٨٦هـ.
قلت: أن نور الدين توفي سنة ٥٦٩هـ بدمشق. والمصادر تشير إلى أن نور الدين أمر بعمارة مسجده في حياته، وما أدري أن كان المسجد كملت عمارته بعد سبع عشرة سنة من وفاة نور الدين؟ ولعل الصواب سنة ٥٦٨ أي بتقديم الثمانية على الستة، ولعل الدكتور يصف لنا هذا المسجد، ويحدثنا عنه.