إن من يفعل ذلك لا بد وان يكون قد قرأ على أقل تقدير عجائب الكشف عن آثار (توت عنخ آمون) ذلكم الملك المصري القديم. ولكن أني لبيرام وهو الأمي الذي لا يقرأ أن يطلع على ذلك ويخترع مثله؟ وإنك ستسمع منه بأذنيك وستحكم كما حكمت أنا - استنادا على طيبته - بصدق قوله.
حرك محمود رأسه دهشة واستغرابا وكانا قد وصلا إلى البيت واستدار حول المائدة، وأخذ كل منهما يتكلم بهواه ويدلل لرأيه، قال فريد: إن قيمة الكنز المادية - وان كانت عظيمة - إلا أنها ليست بشيء يذكر بجانب قيمته التاريخية.
لا زلت أشك فمن المستحيل أن تكون هذه حقيقة؛ إن الرجل قد رأى كل هذا في المنام.
- في بعض اللحظات كان يعتريني مثل هذا الشك، ولكن نظرات القروي، وملامح وجهه، وسذاجة حديثه، جعلني أعتقد صدق خبره، وستجعلك كل هذه الأشياء تعتقد مرغما كما اعتقدت.
- كل شيء ممكن في هذه الدنيا!
ألا تكون هذه الآثار يا محمود من زمن أجدادنا (الإلير)؟
- لا أعتقد، فإن التاريخ لم يحدث عنهم أنهم برعوا في النقش على الأحجار وعمل التماثيل وأن كان غير بعيد أن يكونوا قد أخذوا هذه الآثار وهذه التماثيل من معابد يونانية؛ فقد ذكر التاريخ أنهم أغاروا على شواطئ بحر اليونان كثيراً. وقد يكون الملك (غنس) قد خبأ هذه الكنوز قبل معركته الأخيرة مع الرومان التي أسر فيها.
- لو كان هذا الفرض صحيحاً لكان كشفاً عظيما جداً. ونسى محمود أنه يأكل من فرط سروره بهذا الفرض، بل نسى انه فرض وتخيله حقيقة ناصعة، وأنه أول من اهتدى إليها فذاع صيته وخلد اسمه في صفحة كبار المكتشفين فقد أزاح الستار عن فترة من تاريخ ألبانيا كانت في زوايا الجهل فانتصب واقفاً والشركة لا زالت في يده وأخذ يخطو في الحجرة إلى نهايتها ثم يعود ببطء ثم كف المشي فجأة وقال بصوت ضعيف: لعل الحروف المنقوشة في الرخام تلقي لنا ضوءاً على اللغة الألبانية، ولعلنا نجد لهذه المسألة أدلة (إليرية) وان كان الشك لا زال يساورني. وكنا نستطيع أن نحكم على أفكار (هاهن) الذي يقول: إن أصل اللغة لهجة (البلازغ) وكذلك رأي (ماير) الذي يقول: إن أصلها من لهجة