للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الذي ينكر الديمقراطية لأن الديمقراطيين يلامون ويعملون ما يستنكره المنصفون لخليق إن ينكر القوانين والشرائع لأنها تنادي بالخير ولا يزال في الناس شر كثير.

ولكنهم مع ذلك يقبضون الثمن ويعقدون الصفقة، ويدخلون فيها تلك الرؤوس التي تستمع إلى ذلك الهراء الذميم فتصغي إليه وتقرهم عليه.

ودعوا دكان عمرو أيها الناس.

وهات يا زيد أجرتك. . . فقد أقبل عليك أولئك الناس.

كان دارون يتحدث عن إرادة الحياة أو حب الحياة.

وكان نيتشه يتحدث عن إرادة القوة أو حب القوة.

فإذا جاز لنا أن ننشئ مذهباً جديداً نستمده من غفلة الأغرار وحيلة الشطار قلنا إنها (إرادة الغفلة) قد أصابت أناساً من الشرقيين بينهم المجال لكل أفاك دجال، وأصبحوا بين أمم العالم أعجوبة من الأعاجيب، لأن أمم العالم تخيب بينهم ألف تدجيلة لكي تصيب بينهم تدجيلة واحدة بعد طول التلفيق والتدبير وتكرار المحاولة والتزييف. أما هؤلاء المصابون (بإرادة الغفلة) من شرقيينا الأعزاء، فما أسرع من ظهور التدجيلة بينهم إلا أن يقبلوها ويقبلوا عليها، لأنهم يتلذذون بالاستغفال كما يتلذذ بعض الرجال بالإغضاء عن العرض في غير سبيل. . . ولو سبيل المال.

وأقسم إننا لا نمزح فيما نقول، لأن الغفلة لذة عند المغفلين المطبوعين على هذه الخليقة. فهي نوم أو استرسال، ولا عناء في النوم أو الاسترسال، وإنما العناء في اليقضة والانتباه، ومن ترك المخدوع ينام ويسترسل فهو لا يزعجه بهذا الترك المريح، ولكنه يزعجه أشد الإزعاج حين يفتح عينيه ويصيح في أذنيه، ويحذره من اللصوص والطراق.

معشر الدجالين!

ما قولكم في مذاهب الإصلاح كلها منذ القديم؟

إن قلتم إنها باطلة فقولوا عن الديمقراطية إنها باطلة لأنها لم تحسم الشرور ولم تجعل الديمقراطيين من الملائكة الأبرار.

وإن طال بكم المطال على هذا المقال فالبركة في (إرادة الغفلة) التي تفتح لكم مجال القول فتقولون ما تشاءون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>