١٠٥٥م، (وأجلس على عرش وألبسوه لباس التشريف). ومما زاد في توثيق العلاقات بين طغرل وبين الخليفة القائم زواج الأخير من ابنة أخي الأول وتدعى خاتون خديجة، وتذكر الأقاصيص أن هاتفاً جاء لطغرل في المنام يدعوه للخروج لغزو بلاد الموصل وديار بكر وسنجار، فلبى الهاتف ثم عاد إلى بغداد فشكره الخليفة لنصرته الدين، وسماه ملك المشرق والمغرب.
لم يقنع طغرل بك بما نال من سلطة واسعة، وما هو فيه من نعمة يتقلب في مطارفها، بل تاقت نفسه لتوثيق صلاته أكثر بالخليفة، فهداه تفكيره إلى الزواج من ابنة السلطان، وتدعى سيدة النساء، ويظهر أن الخليفة لم يكن راضياً عن هذا الزواج ولعله كان يرى في ذلك طمع طغرل في أن يكون خليفة من بعده. ومن يدري؟ فلربما كان يريد الاستئثار بالحكم من دونه، ذكر ابن الأثير أن الخليفة انزعج من ذلك وأرسل في الجوب أبا محمد التميمي، وأمره أن يستعفى فإن أعفى وإلا تمم الأمر. وعقد له عليها، لكن عاجله الأجل إذ توفي في العام التالي في مدينة طغرشت، فرجعت ثانية إلى بغداد، وقد وصفه ابن الأثير بقوله:(إنه كان حليماً عاقلاً من أشد الناس احتمالاً، وأكثرهم كتماناً لسره، ظفر بملطفات كتبها بعض خواصه إلى الملك أبي كاليجار فلم يطلعه على ذلك، ولا تغير عليه، حتى أظهرها بعد مدة طويلة لغيره).
جاء بعده ابن أخيه جغري داود، ويدعى ألب أرسلان، وقد حدث قبل توليته أن مال عميد الملك الكندري لتولية أخيه سليمان بدلاً منه، غير أنه أخفق في مسعاه مما أثار ضغينة ألب أرسلان، فما كاد يتبوأ العرش حتى نفي الكندي إلى مرو، ولم يطل عليه الزمن في السجن فقد لقي مصرعه وقتل بأمر ألب نفسه، وهذا ما ذهب إليه الأستاذ براون، وكان مقتله كما يذكر أبن الأثير بعد سنة في الاعتقال، وفي ذلك يقول أحد الشعراء مخاطباً السلطان:
وعمك أدناه وأعلى محله ... وبوأه من ملكه كنفاً رحبا
قضى كل مولى منكما حق عبده ... فخوله الدنيا وخولته العقبى
واختير مكانه الأديب العالم (نظام الملك). وأهم ما يذكر به عهد ألب أرسلان انتصاره على ملك الروم أرمانوس كما انتصر على قتلمش، وامتدت رقعة مملكته حتى ليقول ابن الأثير إن ملكه امتد من أقصى بلاد ما وراء النهر إلى أبعد أطراف الشام. ولقد أجمل الأستاذ