الضعف يدب في أوصالها، فقد انتقلت هذه السلطة إلى أيدي الوزراء، فأين وزراء المنصور والسفاح، من هذه الوزارات الست في عهد المأمون؟
هذه مقدمة وجيزة لتبيان حال الضعف التي وصلت إليها الدولة العباسية وكاد يؤدي بها لولا أن قيض الله لها (السلاجقة)، فأنقذوا الإسلام (كما أن شخوصهم شطر الغرب أضاف عنصراً جديداً إلى الإسلام مكن المسلمين من الوقوف ضد الغزاة الأوربيين، ووحدوا الإقليم الممتد من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى حدود الهند تحت زعامة واحدة وإن كان لفترة محدودة، وردوا الصليبيين والبيزنطينيين ماذين في حياة الخلافة العباسية التي ظلت قائمة حتى تخريب المغول لبغداد عام ١٢٥٨م، ويعزى إليهم قيام الدولة الأيوبية في مصر).
من هذه العبارة نستدل على ما كان للسلاجقة من شأن عظيم في تاريخ الإسلام والشرق عامة، وبخاصة أنهم ظهروا في وقت قد تمزقت فيه أوصال الخلافة أو كادت، (وما كان من قبل مملكة متحدة تحت إمرة حاكم مسلم أصبح الآن عدة دويلات مبعثرة لا رابط بينها) ومما زاد في تفرق بعضها عن بعض هذه المذاهب المختلفة، فكان قيام السلاجقة رجحاناً لكفة أهل السنة ولم يطل بهم الزمن حتى أسسوا ممالك سلجوقية خارج العراق في الهند وتركيا.
وحد السلاجقة دويلات كثيرة منها فارس والعراق والشام وآسيا الصغرى، فرفرف علم إسلامي واحد على آسيا من حدود أفغانستان الغربية حتى البحر الأبيض المتوسط.
عرف السلاجقة بالجرأة والقوة والحول، وتعاور الحكم كثيرون من أمرائهم، وحسبنا إشارة موجزة لبعضهم.
كان لسلجوق أربعة أبناء يدعى أحدهم إسرائيل، ألقى القبض عليه السلطان محمود وأسره وظل في أسره سبع سنوات ومات في أسره، فأثر ذلك غضب أهله. ورأى ابنه قتلمش الخير في الهرب، ومن ثم اتخذ طريقه إلى بخارى حتى يكون بمنجاة من نقمة السلطان، وهناك أثار حمية أقاربه للأخذ بثأر أبيه، والثأر عند القبائل - كما يقول نيكلسون - مرض من أمراض الشرف هو أقرب إلى الجنون، أورد الأستاذ براون (عن الراوندى) أن هجرة قتلمش وأهله، كانت في أيام السلطان محمود وبأمره.
وأول من يهمنا أمرهم طغرل بك، دخل هذا الزعيم السلجوقي بغداد في ديسمبر عام