بالواد. وعن الأيكة. وردت عرضاً على سبيل القصة والموعظة.
وقد عرض المفسرون لهذه الآيات وأطنبوا في وصف تلك الأماكن والمحلات وذكروا شيئاً مما كان قد رسخ في مخيلتهم عن تلك الأقوام. وهي صورة وإن كان رواء الوضع يتغلب عليها، ومادة الخيال فيها خصبة، إلا أنها صورة مهما قيل فيها فأنها مستمدة من واقع قديم تؤيده الآثار والتجارب العلمية الحديثة.
وكانت عناية الأهالي بالسدود عظيمة على ما يظهر من آثارها في هذا اليوم. فعلى تلك السدود التي كانت تحافظ على مياه الأمطار أو مياه الأنهار والعيون كانت تتوقف حياة الأرض والسكان. والظاهر أن الناس في ذلك الوقت كانوا على علم بأصول خزن المياه كالذي نشاهده من آثار سد مأرب، ومن آثار السدود الأخرى في اليمن أو قرب يثرب في الحجاز (المدينة) وفي أرض بني سليم. وكانت تعرف بأسماء مختلفة تختلف باختلاف القبائل ولهجاتها فتعرف باسم (مسك للماء) أو (مسد) أو سد أو مساك للماء.
ولم تخل البلاد العربية الشمالية من السدود. وقد استمر العرب على إنشاء السدود حتى بعد تدهورهم في العصور الجاهلية التي سبقت الإسلام واتصلت به بل حتى في العصور الإسلامية كالعصر الأموي.
وامتازت منطقة يثرب بكثرة ما أنشئ فيها من النواظم والسدود والترع الفنية. ففي وادي بطحان وهو واد من أودية المدينة سد للماء. وفي وادي العقيق سد آخر عند جبل شوران وثالث في وادي محزول وقد كان حتى زمن الرسول ثم سد رابع هو سد معونة قرب الأرحاضية جنوب المدينة، وخامس في وادي أظم.
وحتى نجد لم تكن لتخلو من هذه السدود. وقد وجدت السدود بكثرة في جنوب الحجاز، وفي أراضي قبائل هذيل وبني سليم. وقد حافظت أراضي بني سليم على خصبها وإنباتها حتى العصر العباسي. ولما أهمل أمرها في هذا العهد بسبب الفتن والكوارث السياسية تحولت منذ هذا الوقت إلى أرض قاحلة صحراوية غادرها الناس وعافوها حتى غدت اليوم من المناطق المظلمة المقفرة التي لا تزار.
وقد اشتهرت بنو سليم على ما يظهر بنشاطها وبذكائها الخارق، فابتكرت ولا شك طرقاً فنية لاستنباط الماء ولخزنه إلى وقت الحاجة. فلما أراد الحجاج حفر آبار على طريق الحج