حسان لندن على فتاة استأثرت بلبه ونفذت نظرتها إلى أعماق قلبه. . . فتاة هي فينوس حسناً وشكلاً. . . وسرعان ما جرحه كيوبيد بها في ألف موضع من جسمه. . . ثم غابت عن بصره وتولت وقد شغفته حباً. . . فأحس كأنه يحترق وكأن اللهب يحتويه. . . ولم يرها بعد ذلك أبداً، وأصبح بعدها كغيره من العشاق ينعم بشقاء حلو!
وأردف هذه القصيدة بأخرى لاتينية غرامية كذلك يصف فيها الحب، ولا يشير فيها إلى موقف بعينه كما فعل في سالفتها، ولكن. . . إلى الهوى وأسقامه وأحلامه. . .
ويحرص ملتن دائماً أن يسمو بحبه، فما تم كلماته ولا إشارته عما يستهجن من قول أو فعل، وما يصدر عن مثله إلا كل سام نبيل، وقد جعل سمو النفس وطهرها كما رأينا وسيلة إلى سمو التعبير؛ على أنه يفصح أحياناً عما يظهره أنه يحس شيئاً من المرح إذ يصف هيام الحب وأحلامه ومتعه؛ ولعله أراد بذلك أن يوحي إلى لذاته أنه يتخفف من تزمته، أو مما يأخذونه على أنه تزمت منه، وما هو فيما يرى إلا التوقر والاحتشام والجد؛ ولقد أشار في بعض خطبه إلى شئ من هذا المرح الذي يصف والذي يحبذ، وفي هذا الحب الذي يصوغ ألحانه، ما يرد به على من أطلقوا عليه ذلك الاسم السخيف الذي ضايقه بعض الثقلاء به!