للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معان لم توجد في غير، ولو طلبت لها شاهداً من الشعر أو غيره لم تجد. فإما أن يكونوا هم المطلبين، وإما أن تكون أنت على حق، فنبطل من نصف اللغة ونصف النحو وأشياء أخرى كثيرة.

ثم انظر إلىّ أيها الصديق! لست أنت الذي تقول هذا، وتقول لي أيضاً في صدر من كلامك ومنهما ومقرعاً إنه (فإنني أن الحديث لا يستشهد به اللغة والنحو). هو أنت الذي لم يلبث في آخر كلامه أن يناقض هذا كل المناقضة، فنقلت كتاب رسول المقوس، وهو من الحديث، وكتاب أبي بكر إلى المرتدين، وهو من رواية أهل الحديث، ثم أردفت ذلك بقولك: (ومعلوم أن هذه الكتب مدونه ويستشهد بها اللغوين والنحاة)؟! يا عجبا كل العجب! فمن الذي روى لك هذه الكتب سواهم الذين رووا لك الحديث، وحديث التشهد، وحديث سلام في المسند؟ وأين دونت هذه الكتب إلا في الكتابة دوّن فيها الحديث؟ وما فرق ما بين تدوين الحديث وتدوير هذه الكتب؟

وإن كنت قد ارتضيت هذه (الكتب المدونة) حجة يوثق بها، فخذ كتاب الزمخشري، وهو المسمى بالفائق ج٢ ص ٣، واقرأ فيه وفي غيره: (من محمد رسوله. . .) إلى آخر الكتاب، ولم يعترض الزمخشري أيضاً على هذا البدء، ولم يقل إنه خطأ في اللغة ولا في النحو.

ثم خذ صاحبك الطبري ج٣ ص ١٥٦ الذي نقلت منه كتاب رسول الله إلى المقوقس، وكتاب أبي بكر، وصاحبك (كتاب صبح الأعشى) ج٦ ص ٤٦٥، الذي نقلت عنه كتاب الرسول إلى كسرى، ثم أقرأ هداك الله: (لمحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالد بن الوليد. السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. . .) إلى آخر الكتاب.

فهل قنعت أيها العزيز بما سقت إليك؟ وأمحضك النصح أن لا تتبع تلك الناجمة التي نجمت بين أهل اللغة تريد أن تتبجح بالعلم والمعرفة والفقه، فتأتي صواب الناس ترميه بالخطأ على الشك والتوهم وسوء التأويل وفساد الفهم. واعلم أن العربية تعَلم العقل، فمن شاء أن يطلبها بحقها فليصبر عليها صبر المؤمن. وأنت امرؤ فيك خير فلا تضيع ما آتاك الله بالعجلة والتسرّع، فتثبت قبل أن تحكم، وتدبر قبل أن تقطع، واستقصِ قبل أن تستوثق، وانظر لنفسك قبل أن تزل بك قدم، واعلم أن شر أخلاق الناس اللجاجة، وشر

<<  <  ج:
ص:  >  >>