الذرة، والبيولوجيا عن كائن حي في الخلية. وأبان علم وظائف الأعضاء طائفة يتعذر حصرها من أسرار الأعضاء، وأثبت علم النفس وجود عوالم من الفكر والشعور في كل حلم، وجاء رجال علم الإنسان فوصفوا لنا صورة عجيبة عن قدم الإنسان على سطح الأرض، وجاراهم رجال الآثار فأخرجوا من جوف الأرض مدناً وحضارات، وتبعت ذلك المخترعات العجيبة لتي يسرت أساليب الحياة، ولكنها خلقت طائفة كبيرة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية تكاد تستعصي علي الحل.
وفي هذا كله روعة تأخذ بمجامع النفس، ولكن يكمن فيه خطر لابد من تبينه والتحذير منه وصار لكم علم، ولكل فرع من علم ألفاظ خاصة لا يفهمها إلا المتخصصون. وصار زعماء معظم الأبحاث عاجزين عن وصف ما يكشفون بلغة الناس.
ومن هنا اشتدت الحاجه إلى المعلم الذي يستطيع أن يفهم الشعب ثم يحطم الحاجز الغوي القائم بين المتخصص والأمة، أو الحاجز الغوي بين لغة ولغة أو كليهما، كما هي الحال عندنا الآن.
ومن آيات التوفيق في كفاح هذا الطراز من العلم المثقف. والدكتور شوشه مثال بيننا لما أسداه أولئك العلماء إلى قومهم. فعلمه الواسع الدقيق يمده بالقدر على الغوص على المعاني البعيدة في العلوم التي توفر عليها، وخياله الخصب يمهد له تصوير تلك المعاني صورا شائقة قريبة، وحسه اللغوي الأدبي يمكن له إفراغها في عبارات ناصعة عربيه وبيان عال. والقوى الثلاث تضبط إحداها الأخرى: فالعلم يضبط الخيال فلا يشذ، ويمسك القلم فلا يغرق، وإذا العبارة القصيرة، أو المحاضرة الطويلة، آية في الوضوح والرواء والإحكام.
وهذه مهمة شاقه كالصبابة لا يعرفها إلا من يعانيها، ولولا العمل العظيم الذي يضطلع به الدكتور شوشة في وزارة الصحة، وما لمشروعاتها من أثر خطير في مستقبل الشعب المصري، لكنت رجوته، ولكتبت أحثّ الحكومة، على أن ينقطع للمحاضرة في الموضوعات التي توفر عليها وشغف بها.
ولكن العمل الذي يضطلع به في الحكومة ينزل في الصميم من مستقبلنا. فصحة الشعب، من أي النواحي أتيتها، هي والأرض رأس مالنا الأول، وواجب محتوم على كل قادر أن يشارك في دراسة المشكلات واقتراح حلول لها والعمل عملا جاداً متصلا على تنفيذها. وقد