قال أبو العيناء: كنا عند أبي دؤاد ومعنا محمود الوراق وجماعة من أهل الأدب والعلم فجاءه رسول إيتاخ فقال: إن الحاجب أبا منصور يقرأ على القاضي السلام ويقول: القاضي يتعنى ويجئ في الأوقات وقد تفاقم الأمر بينه وبين كاتب أمير المؤمنين (يريد أبن الزيات) فصار يضرنا عنده، قصد القاضي. وما أحب أن يتعنى إليَّ لهذا السبب إذ كنت أصل إلى مكافأته.
فقال: أجيبوه عن رسالته. فلم ندر ما نقول ونظر بعضنا إلى بعض فقال: أما عندكم جواب؟
قلنا: القاضي (أعزه الله) أعلم بجوابه منا.
فقال للرسول: إقرأ عليه السلام، وقل له: ما أتيتك متكثراً بك من قلة، ولا متعززاً بك من ذلة، ولا طالباً منك رتبة، ولا شاكياً إليك كربة، ولكنك رجل ساعدك زمان، وحركك سلطان، ولا عِلم يؤلف، ولا أصل يعرف، فإن جئتك فلسلطانك، وإن تركتك فلنفسك. فعجبنا من جوابه.
٦٨٧ - القدر والطلب
قال الطرطوشي: القدر والطلب كأعمى ومقعد في قرية يحمل الأعمى المقعد ويدل المقعد الأعمى.
٦٨٨ - نصيحة. . .
قال محمد بن الجهم: من شأن من استغنى عنك ألا يقيم عليك، ومن أحتاج إليك أن لا يزول عنك، فمن حبك لصديقك وضنك بمودته ألا تبذل له ما يغنيه عنك، وأن تتلطف فيما يحوجه إليك، وقد قيل في مثل هذا: أجع كلبك يتبعك، وسمنه يأكلك. فمن أغنى صديقه فقد أعانه على الغدر، وقع أسبابه من الشكر. والمعين على الغدر شريك الغادر كما أن مزين الفجور شريك الفاجر.