- لقد أخطأت خطأً كبيراً يا سيدي، ولكن مع الأسف الشديد، هذا هو الذي حصل.
- وكلنك، أكدت لي أنني الوحيد الذي أفضيت إلي بهذا الموضوع.
- ولم أكن كاذباً حين قلت لك ذلك يا سيدي.
- إذن ماذا حدث؟
- سأشرح لك كما وقع، ولك أن تحكم - بعد ذلك - لي أو علي. قبل أن أجئ إليكم، قابلت شاباً أعرفه معرفة سطحية، وهو طويل الجسم، حسن الهندام، جميل المنظر، يرتدي - في معظم أوقاته - معطفاً أسود، فصاح الجميع بصوت واحد:
- شفيق حامد.
- نعم، هو شفيق حامد، ها أنتم تعرفون اسمه. إنني متصل بهذا الشاب - من زمن بعيد - اتصالا غير وثيق. ونحن أيها السادة أناس أغبياء، لم تصقلنا التجارب، ومن السهل أن نتأثر بغيرنا؛ لعدم ثقافتنا في المدارس، ولقلة درايتنا بأخلاق الناس، بالأمس قابلت هذا الشاب، وسألته عن تاجر يبتاع الآثار، فأجابني أنه لا يعرف أحدا، ولم أتحدث أليه بأكثر من ذلك، ولكنه على - ما يظهر - كان ذكيا؛ فقد أرتاب في أمري، لأنني عندما خرجت من هنا ليلة أمس وجدته ينتظرني في المحل الذي اعتدت النزول فيه كلما جئت إلى المدينة، ولقد هددني بأنه سيرفع أمري إلى الحكومة إن لم أصارحه. أنا لا أستطيع الكذب، فقد خفته كثيرا، وخشيت أن ينفذ وعيده. ولما رأى ذلك مني، قادني إلى بيته، ثم تركني فيه وحيدا، وعاد بعد قليل مع صديق له.
فقال محمود:
- السيد لطفي؟ فقد تذكر أن شفيقا قد جاء إلى المقهى، واستدعاه حينما كان جالسا معه هو وفريد، فأجابه بيرام في هدوء واطمئنان:
- لم يذكر أسمه أمامي. ولكني - إزاء تهديدهما لي - أخبرتهما أنني عثرت - بمحض الصدفة - في حفرة قريبة من بيتي على بعض النقود القديمة، ولم أقل لهما أكثر من ذلك، وقد وعدتهم أن أرشدهم إلى الحفرة، فإني ما كنت أستطيع الإفلات منهم بغير هذا الوعد.