ولكن السيد عفت - وهو الذي حنكته الأيام - بدأ يتكلم في هدوء ورزانة فقال:
- إن المسألة - بوضعها الآن - ليست صعبة التسوية، وإنه يجب البحث عن شفيق ولطفي والتفاهم معهما.
فأمن الجميع على هذه الفكرة، ثم سأل فريد بيراما:
- ولماذا لم تأت بالعينة؟
فتولى السيد عفت الإجابة عنه، - فقد عرف منه السبب - فقال:
- لقد فاض النهر هذه الليلة، وأضحى من المستحيل الوصول إلى (دونمي).
وقال بيرام:
- إن الجو جميل في مثل هذا اليوم، ونستطيع أن نذهب جميعا الليلة.
في هذه اللحظة دخل الخادم، يعلن سيده أن شابين يريدان مقابلته، فعلم الجميع أنهما لا بد وأن يكونان شفيقا وصديقه.
قال السيد عفت:
- انتظروا سأخرج أنا وحدي إليهما، وغادرهم إلى حيث الشابان ينتظران. ولكن القروي بدا عليه كثر من الاضطراب وعدم الاطمئنان، وخاض في بحر عميق لجي من الأفكار. ثم إن فريد قال له في صوت من العتاب:
- إنك السبب في كل هذا الارتباك يا بيرام! ولولا أنك أطلعت هذين الشقيين على هذا الموضوع، ما حدث هذا اللغط، ولا كانت هذه الضجة.
- إنني معذور يا سيدي! فأنا رجل غير مثقف، وإن قلبي يضطرب - خوفا وفرقا - عندما يذكر اسم الحكومة أمامي إنني أضحي بكل شيء في سبيل أني لا أقاد إلى دار الشرطة، وأني لا أوقف موقف الاتهام.
فخفت ثورة الغضب في نفس فريد وأسرع إلى حيث أبوه والشابان، فوجد شفيقا بجوار المكتب، يرغي ويزبد، ويهدد ويتوعد بأنه سيخطر أول الأمر، ووجد التاجر يجيبه - في هدوء لفظ، وخفوت صوت - قائلا: