- ولكن ذلك في غير مصلحتك، وأولى لك وأنفع أن نتفاهم في جو يسوده الصفاء. فقال شفيق في صوت أقل حدة:
- أنا أريد قسطي من هذا الكنز.
وهنا تدخل السيد لطفي وقال:
- يا شفيق! إن السيد عفت أهل للثقة والشرف، وهو أكبرنا سنا، وأطولنا تجربة، فلنترك له هذه المسألة، يتولى التصرف فيها بحكمته، ولنا من مشهور عدالته، وكثرة خبرته، أكبر الرجاء في أن يصل إلى كل منا نصيبه في غير صخب ولا منازعة. فهدأت ثائرة شفيق، ووقع منه هذا الرأي موقع القبول. وانتقلوا جميعا إلى حجرة الاستقبال وانضموا إلى محمود وبيرام، ثم أخذوا يتبادلون الرأي ويتشاورون في الأمر، وبيرام بينهم ينظر إلى كل منهم نظرة فاحصة، في ثبات ورزانة، ولا ينطق بكلمة إلا إذا تطلب الموقف أن يقول شيئا. وأخيرا - وبعد طول جدل ومناقشة - أستقر الرأي على أن يخرجوا - بعد الظهر - في سيارة فريد بملابس الصيد ومعداته إلى قرية بيرام وينتظروا في بيته إلى أن يجن الليل، فيتسللوا إلى الكهف، ويحصون بأنفسهم الأشياء الموجودة فيه، ثم بعد عودتهم يبحثون عن أنجح الوسائل، وأنجح الطرق في تصريفها.
وقد أختتم التاجر حديثه بقوله:
- والآن! يجب أن نتعاهد على أن نعمل متحدين في إخلاص، وعلى أن تسمعوا لإرشادي ونصحي، فتعاهد الجميع على ذلك، ثم انصرفوا على أن يجتمعوا في الرابعة مساء وهم على أتم استعداد لبدء الرحلة. ولقد استبقى فريد محمودا ليعاونه على تجهيز السيارة، وأما السيد عفت فقد بقى مع بيرام؛ لأنه قرر بقاءه في البيت إلى أن يعودوا فيستأنفوا السفر إلى (دومن) حيث الكهف العجيب.
ولقد تناول محمود وبيرام غداءهما على مائدة السيد عفت، ثم توجه محمود إلى منزله بعد الغداء مباشرة ليستبدل بملابسه ملابس الصيد. وما إن وافت الساعة الرابعة حتى التأم الجمع، ولكنهم وجدوا أن السيارة لا تتسع لجميع كلاب الصيد التي معهم؛ فاقترحوا أن يتركوا كلب لطفي في منزل فريد إلى أن يرجعوا، ثم أخذوا أماكنهم في السيارة إلا بيراما، فإنه انتحى بالسيد عفت بعيدا عنهم وقال له هامسا: