- أبحث عن القروي الذي دخل هذا المحل منذ قليل، فقال الرجل مبتسما:
- أظنك تبحث عن بيرام.
- نعم أبحث عنه، ولكن من أين لك معرفة هذا الرجل؟
- كيف لا أعرفه هو أكبر شيطان، وأذكى محتال أنجبته جبالنا. إنك لو علمت كيف لعب بكبار التجار، وأبتز أموالهم، لاستولى عليك العجب. إن الوقت لا يتسع لأقص عليك أعمال ذلك الداهية المغامر. ثم حانت من الرجل التفاته إلى السيارة في جانب الطريق، فاتسعت الابتسامة على شفتيه وقال:
- يلوح لي أنه قد أوقعكم في شباك حيله. وفي هذه اللحظة أنظم إليهما السيد لطفي، فقد أستبطأ شفيقا فجاء يستعجله، وقد سمع الرجل يقول لشفيق:
- إن هذا الشيطان يلج على التجار بيوتهم، في ساعات مبكرة، ويزعم لهم أنه أكتشف - مصادفة - آثار قديمة، وكنوزاً عظيمة، ويبتز نقودهم على حساب هذا الكشف. . .
جمد السيد لطفي في مكانه حينما سمع هذا الكلام، فقد انماعت الآمال التي بناها على أساس هذا الكنز في حرارة الحقيقة المؤلمة، لكنه لم يلبث أن انفجر ضاحكا حتى كادت أنفاسه تنقطع، فقد تذكر ما حدث منذ الصباح الباكر أمام منزل السيد عفت وفي داخله. ثم عاد مسرعا إلى رفاقه في السيارة، أكد لهم أن بيرام غير موجود، وأنه محتال كذاب، وأعاد عليهم ما سمعه من الرجل، فاصطبغ وجهاهما بحمرة الغضب وضاقت في عينيهما الدنيا، وامتلأ قلبهما بالحزن، وأخيراً لم يجدوا مناصاً من العودة إلى المنزل يجررون أثواب الخزي، وتركوا شفيقاً يواصل البحث في السوق عنه.
سمع السيد عفت صوت السيارة أمام المنزل فخرج مسرعاً فرأى السيد لطفي وفريداً ومحموداً ينزلون منها فسألهم في لهفة:
- لماذا عدتم؟ ماذا حدث؟ أين بقية الرفاق؟ فاستغرقوا جميعاً في الضحك وقالوا:
- لم يخطر لنا على بال أن قروياً ساذجاً، لم يذهب إلى المدرسة ولم يقرأ شيئاً عن المغامرات يستطيع أن يخدعنا إلى هذا الحد، ثم شرحوا للتاجر كل ما جدَّ بعد أن فارقوه. وكان كل واحد منهم يأخذ بنصيبه في الشرح والتفصيل ضاحكا. أما السيد عفت فلم يستطع