ظن أهل القرن الثامن عشر لا خداعا كما ظن أهل القرن التاسع عشر بعده. فصار العالم بعد ذلك أكثر إجلالا لأهل الكيمياء القدماء وصرت أنا أكثر شكاً في الحقائق العلمية.
أما المذهب السحري فخلاصته هي أنه كما أنه حولنا قوى عظيمة الفعل كالكهربائية، وهذه القوى تنتج أشياء لا نزال نجهلها إلى الآن كذلك في داخلنا قوى عظيمة الفعل كالهبنوتزم و (التبصير) نستطيع بها بعد تربيتها وإتقانها أن نأتي أفعالا لا تخطر لنا الآن على بال.
ويقول الخبيرون بالسحر إننا نستطيع بهذه القوى أن نخضع جميع الأشياء المادية التي نراها حولنا من شفاء الأمراض والتكهن بالمستقبل. والمعيشة بلا طعام. والعوم في الهواء كما صنع الوسيط دوجلاس هوم في القرن الماضي بشهادة الشهود العدول. ونحكم الإنسان في مصيره.
وقد قسم المعاصرون الأعمال السحرية قسمين: سموا ما يراد به الخير والرشد السحر الأبيض، وما يراد به الشر والنكد السحر الأسود. فمن قبيل الأول الشفاء بالإيمان وهو الشفاء الذي يجرى على أيدي أئمة التبت. ومن قبيل الثاني سحر سحرة أفريقية بين قومهم السود. ومن غريب ما يذكر في هذا الصدد أن الموظفين الإنجليز والمبشرين في أواسط أفريقية يعودون منها وهم يعتقدون أن لأولئك السحرة قوة خارقة وإن لم يدركوها ويعرفوا لها تعليلاً.
وغاية (علم) السحر إن صحت تسميته علماً هي إضعاف شهوة الجسم بسلسلة من أعمال التمرين والرياضة والتقشف اعتقاداً أن (إماتة ما هو مادي إنما هي إحياء ما هو روحاني وما وراء الطبيعة فينا. وهكذا نتمكن بالأشياء غير المنظورة من إخضاع الأشياء المنظورة والتحكم فيها).
ولا نستغرب أن يصدق أهل أواسط أفريقية سحر سحرتهم وكهانة عرافيهم وكهنتهم ونحن نرى الأوربيين الذين يعيشون بينهم مبشرين وتجاراً ومستعمرين يحارون في تعليل بعض الحوادث التي يخبرونها بأنفسهم ويرونها بعيونهم، فما كدنا ننتهي من نقل مقالة العالم المتقدمة حتى قرانا حكاية لضابط إنجليزي فحواها أن بعض الأقوام الذين يعيشون حول بحيرة البرت نيانزا في أعالي النيل يقدسون التمساح ويقدم كاهنهم قرباناً له من آن إلى آن - فتاة صغيرة من فتياتهم لرد غضب الآلهة إذا أنسوا غضبها.