وكان الفصل الآخر من المأساة وأني سأختصره اختصارا: هذه البنت الحلوة المستهترة الذي ذاقت طراوة الحضارة ولينها وحريتها وفسوقها وعريها، عادت إلى القرية المنقطعة في أودية (القلمون) الأدنى وجباله، لتعيش حياة قروية قذرة صعبة، ولكنها طاهرة مستورة مقيدة، لتلبس الملاءة الزرقاء الشاملة بعد (الروب) الذي لا يستر ربع الجسد، والسراويل البالغة الكعبين بعد (الكلسون) الذي لا يتجاوز طوله الإصبعين، وتشتغل في الحقل بالأكف التي كأنها بلا عظام والأظافر ذات (المانيكور)، وتأكل بعد (الكاتو) والفراني خبز الشعير، وتعاشر بعد شباب دمشق البقر والحمير، وتمشي إلى الإسطبلات بدل السيمات.
دبر الأمر على عجل، وعقد العقد، وسيقت العروس (الشامية. .) إلى القرية، وحسب أبن العم كأنما رأى ليلة القدر فدعا فهبطت عليه حوراء من حور الجنان. . . وكان الدخول، وتجسم خيال المسكين فكان واقعا، والحلم صار حقيقة، وأحتوى بين ذراعيه الخشنين ذلك الجسم الذي تتقطع عليه نفوس أبناء الأمراء حسرات و. . . فإذا الثمرة مقطوفة!
قلت: ثم ماذا؟
قال: ماذا؟ صار أبن العم في السجن، والبنت في القبر، وأفتضح الشاب فضيحة لن ينجو من أثارها مهما عاش!