للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وجاء في صفحة١٢٠: (ثم قال خالد هاأنذا مبتلى بالمضغ، ومحمول على تحريك اللحيين، ومضطر إلى مناسبة البهائم، ومحتمل ما في ذلك من السخف والعجز. ما أبالي! احتملته فيمن ليس لي منه بد، ولي عنه مذهب) وقال الشارحان: وقوله فيمن ليس لي منه بد الخ، أي في مؤاكلة من لا فرار من مؤاكلته كأولادي وأهل بيتي. وفي النسخ التي بين أيدينا: (فيمن لي منه بد، ولي عنه مذهب) وهو تحريف ظاهر لا يلائم السياق، ولاسيما أن بد لا يعرف استعمالها إلا مقرونة بالنفي.

وأقول أن هذه العبارة التي في النسخ الأخرى لا يمكن أن تكون صحيحة حتى على فرض أن كلمة بد يجوز استعمالها بغير نفي؛ ذلك لأن المعنى يكون مكرر في عبارتين تكريرا سخيفا لا يقبله الجاحظ ولا خالد القسري الذي يدعي الرواية عنه. والذي عندي أن الجاحظ يكون قد أراد أنه أحتمل ذلك المظهر السخيف في الأكل سواء مع أهل بيته الذين لا يستطيع التواري منهم ولا يخشى نقدهم إياه، أو مع أضيافه الغرباء الذين يستطيع التواري منهم فيأمن شر نقدهم. وعلى هذا تريد المستوفي لأوضاع الصورة المتعين في هذا المقام تكون جملة الجاحظ هي: (ما أبالي احتملته فيمن ليس لي منه بد، أو فيمن لي عنه مذهب) وذلك بهمزة الاستفهام وأم التي للتسوية. ويصح أن تكون الجملة تقريرية إثباتية منفصلة عن (ما أبالي) فتكون صحتها: (احتملته فيمن ليس لي منه بد، فيمن لي عنه مذهب) بإضافة كلمة فيمن في الفقرة الثانية، ليستقيم الوضع العربي.

وجاء في صفحة ١٣٢: (وقيل له أيضا: فكيف سخاؤه على الخبز خاصة؟ قال: والله لو ألقي إليه من الطعام بقدر ما إذا حبس نزف السحاب ما تجافه عن رغيف) وقال الشارحان في تفسير ذلك: لو ألقي الخ، هكذا في نسخة الشنقيطي. والطعام البر بضم الباء. أي لو أعطى من الطعام مقدارا لو جعل كومة واحدة فارتفعت حتى وصلت إلى السحاب، فمنعت ماءه من أن يصل إلى الأرض ما تجافى الخ.

وأقول: إن العبارة محرفة وإن التفسير تعسفي لوروده على أصل غير صحيح، والأصل كما أرى هو: (بقدر ما إذا يبس نزف السحاب)، أي لو أن الله رزقه من الأرغفة بمقدار لو يبس لنزف ماء السحاب وتشربه، لما نزل منه عن رغيف. وهذا كناية عن البخل البالغ درجة لا يتصور وقوعها العقل. ويلاحظ أن قوله ما تجافى عن رغيف يفيد أن الطعام هنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>