فيما بعد لأن يحتل مركز أستاذه تومسون. وقد ذكرنا من قبل أن العلماء عرفوا ناحية واحدة من بناء الذرة وهي الكهارب السالبة التي يتحتم أن تتعادل بكهارب موجبة فأين هي هذه الكهارب الموجبة؟
فلو أتيت بكتلة من رصاص بها جحر عميق، ووضعت في هذا الجحر قطعة راديوم فإن الأشعة تخرج من الجحر مستقيمة ولكنك لو مررتها في مجال مغناطيسي فإنها تنقسم إلى ثلاث شعب تنحرف إحداها إلى اليمين، والثانية إلى اليسار، بينما يسير الثالثة في حط مستقيم. ومن الطبيعي في هذه الحالة أن ندرك أن الأشعتين اللتين تنافرتا مختلفتا الشحنة. وقد سميت الموجبة منها بأشعة ألفا بينما سميت السالبة بأشعة بتا، أما الأشعة المتعادلة فأطلقوا عليها اسم جاما.
وثبت أن أشعتي ألفا وبتا تتألفان من جسيمات صغيرة تحمل الشحنات الكهربائية ولكن أشعة جاما ليست مكهربة وهي عبارة عن إشعاعات ضوئية وإن اختلفت عن أضوائنا الكهربائية في قصر موجتها.
وأثبت رذفورد أن أشعة جاما تشبه أشعة إكس في موجتها ولكنها اقصر، أما أشعة ألفا فقد بهرته كما بهرت العالم فقد وجدها ذات شحنة كهربائية موجبة. وكانت أثقل في الوزن من أشعة بتتا السالبة كما أن سرعتها المتدرجة الزيادة كانت أقل منها، وقد قاس رذرفورد سرعة هذه الأشعة فوجدها تنطلق بسرعة عشرين ألف ميل في الثانية.
حجر الفلاسفة يتحقق
واستولت الدهشة على رذرفورد حين حلل أشعة ألفا بالمرقب الطيفي فإنه وجدها تتحول إلى غاز هليوم. وبمعنى آخر إن ذرات الراديوم تفرز ذرات هليوم، وكان الكشف غريبا. ولكن ميوله كان أغرب فقد انتقل إلى التجارب على اليورانيوم فوجد أن استخلاص أشعة ألفا وبتا منه تحولانه بالتدريج إلى مادة أخف في وزنها الذري ثم تصبح راديوم فإذا والينا استخلاص الأشعتين منه تحول إلى معدن الرصاص. وبهذا الكشف تحقق حلم الأقدمين في تحويل المعادن إلى بعضها البعض، فقد كانوا يطمعون في تحويل المعادن الحسيسة مثل الرصاص والحديد إلى ذهب وفضة من المعادن الثمينة. وقد حقق رذرفورد حلمهم، ولكن بالعكس، فاكتشف أن اليورانيوم والراديوم يتحولان إلى هيليوم ورصاص.