قيادة جيشه فأبلى في مكافحة أعدائه البدو وتامين بلاده خير بلاء ثم جرت بينه وبين أحد البدو مبارزة انتصر فيها على البدوي وقتلة واستحواذ على أمواله، وقد وقعت هذه المبارزة في آخر المدة التي أقامها هناك والتي تزيد على عشرين سنة، وقد رأى بعدها أن موقفه دقيق حرج في اغترابه، فستكشر من الأموال لتكون له عونا عند البلاء، كما أرسل إلى ملك مصر رسالة يلتمس فيها أن يأذن له بالعودة إليها بعد أن صار شيخا ضعيفا، ويصف له كيف كان في أول أغرابه بائسا وحيدا ثم كيف صار حاكما هو وبناؤه والذين أنجبهم على إحدى ولايات فلسطين وعشائره. . . وهذه بقية الرسالة والقصة. . .)
(آو لم يأن لي أن يصفح مولاي عن جريمة هربي، فأعود إلى وطني، واسترد مكانتي في البلاط، واحظي بالعيشة الراضية في تلك البقعة المباركة التي تركت فيها قلبي. انه لا سعادة لي ألا بان ارجع إلى تلك البقعة حيث ولدت ونشأت، ثم أموت وادفن هناك، فما اسعد من يقضي نحبه في بلد ولد ونشا فيه! لشد ما تحملت - يا مولاي - في غربتي من آلام! وطالما صبت نفسي إلى أن أراني في وطني مرة أخرى لأنعم في جنباته بالراحة والسلام، وما اكثر ما قدمت من القرابين للآهة علها تنظر آلامي وتحقق آمالي. حبذا لو تكرم فرعون مصر العظيم فشملني بعطفه، ومكنني من انعم بإحسانه، أتقدم بولائي إلى ربة قصره، واقف على حالها وحال بنيها وبناتها أذن لرد مولاي إلى بذلك شبابي الضائع، فهاأنذا اشعر بالشيخوخة تسعى إلي، والخور ينسرب في كياني، وإكلال يرين على عيني، والاضمحلال يدب في رجلي، والفتور يتغلغل في عروقي، والبطيء ينتاب نبضات قلبي.
ويحي! فان المنية القاسية لتسعى إلى لتخطفني، وما أوحى ما تقذف بي إلى الهاوية الأبدية، فهلا يتاح لي أن الحق بسيدة القصر سلطانة العالمين، فأجد راحة الموت على يديها).
لم يمضي بعد ذلك وقت طويل حتى آتاني جواب الملك المعظم وقد حقق آمالي وما فوقها، فقد عفا عني وسمح لي بالعودة إلى وطني، وولاني ولاية من قبله في الخارج، كما أتحفى بكثير من الإتاوات، أرفقها بتحية أولاده، وهاو هو ذا آمره الملكي الكريم: (من حورس بن رع صاحب التاجين، وحاكم مصر العليا والسفلى، وروح النسل، ومانح الحياة، والخالد على مر الدهور. الأمر الملكي العالي الموجه إلى الشريف سينوحيتلأعلامه بما رأى جلالة الملك فيما التمس منه.