للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إيران العظيمة قد ترك بلاده لأول مرة في أيام حكمه، واجتاز الحدود التركية ووصل بموكبه الشاهاني المؤلف من (٤٠) وزيراً وقائداً واختصاصياً ومرافقاً إلى (أنقرة) عاصمة الكماليين، محروساً طول الطريق بقوات مضيفه من البر والبحر والجو، ومستقبلاً ومشيعاً حيث ما مر من بلاد جارته العزيزة بهتاف الشعب التركي بحياة جلالته الغالية، وذلك إجابة منه لدعوة بلغته من زميله الحاكم الشرقي الكبير، وجاره القوي العزيز، الذي أقام على أنقاض حكومة (الرجل المريض) البائدة، هذا الصرح الشامخ، وهذا السد المنيع في وجه أوربا كلها، والذي دعاه ليرتبط وإياه بروابط ستهلع لها قلوب الكثيرين من طغاة أوربا المتجبرين. ومن بينها، على كل حال قلب الدكتاتور الإيطالي، صاحب التهديد، الذي لا بد وقد بلغته أيضا الخطب الشديدة والكلمات النارية التي ألقاها أخيرا في المجلس الوطني الكبير نواب الأمة التركية، جواباً على تهديداته المعروفة، وكذلك التصريحات الرسمية التي ختم بها هذه الجلسةشكري قايا بك بالنيابة عن زميله وزير الخارجية الغائب، عن موقف تركيا في الحرب المقبلة والتنويه الصريح الذي نوه به هذا إلى المصير السيئ المنتظر على حدود تركيا وسواحلها الصلدة الصلبة المهلكةلكل من تحدثه نفسه بأن ينظر خلسة أو بأن يمد في ساعة جنون أو غرور يده إلى الأرض التي يفتديها في كل لحظة ١٧ مليون تركي وتركية، من اعظم الأمم وطنية وشجاعة، وعلى رأسهم وفى مقدمتهم صناديد تركيا العظام الذين باعوا النفس في سبيل هذه التربة عشرات المرات: وهم الغازي وجماعته من كبار القادة.

وعلى كل حال فلسنا هنا في معرض الانتقاص من قدر موسوليني إنما أردنا أن نبين أن الشرق مهد البطولة والأعمال الخالدة ومهبط الوحي ومنبت العلم والمدنية لا يعدم في أيامنا أيضاً أن يرد الغرب على أعقابه خاسراً نادماً، ويرفعرأس الشرق والشرقيين عالياً.

وقد أردنا بهذا المقال إن نبين بصورة خاصة كيف أجاب جبار الشرق على تهديد جبار الغرب، وكيف أن القوة وحدها هي التي يحترمها الأقوياء ويهابون جانبها، وكيف إن القوي وحده هو الذي يطلب وده وتلتمس صداقته.

بغداد

ج. مولود

<<  <  ج:
ص:  >  >>