ذريني أنل مالا ينال من العلا ... فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ... ولابد دون الشهد من إبر النحل
وقال أيضاً:
يهون على مثلي إذا رام حاجة ... وقوع العوالي دونها والقواضب
ويعجبني هنا ما قاله أحد شعراء الإنجليز وترجمه إلى العربية بعض أدباء الشباب قال:
ليَ قلب لا يهاب ... فزعت منه الصعاب
بين أيامي وبيني ... حادثات وغلاب
لست أشكو إنما الش ... كوى من الحر تعاب
أنا ربان سفيني ... هاج أو قر العباب
فلْيلنْ أو يقس دهري ... إن قلبي لا يهاب
فافرقوا بين ألاحساسين اللذين يبعثهما هذان الشعران المختلفان مورداً وينبوعاً، وإني واثق الثقة كلها من أن الإحساس الذي يبعثه فيكم الشعر الثاني هو الإحساس بالقوة والإحساس بالإرادة، وأنا نطلب من الشاعر أن يحدثنا دائما عن قوة إرادتنا، وأنا نستطيع فعل كل شيء لأن ذلك يبعث فينا إيمانا جديداً وعزيمة جديدة بل ويخلقنا خلقاً جديداً، وإن قوة الإرادة هي المنبع الفياض والمعين الذي لا ينضب للنجاح في الحياة وبلوغ المثل العليا، أما الشعر الأول فشعر ضعيف مستسلم لا ينفعنا ولا يهذب من إرادتنا.
ولون آخر من ألوان الأدب الضعيف يتصل بالأدب الجبري، وقد يكون خدينه وشقيقه لأنه يستقي من معينه وينبع من ورده، وأعني بهذا اللون أدب الزهد والقناعة، ويطول بي الحديث إذا حدثتكم عن العوامل التي أنتجت لنا هذا النوع من الأدب، وإن كنت ارجع جل هذه العوامل إلى سوء فهم الشرقي للدين، فقد فهمنا وكنا مخطئينحين فهمنا أن الدين الإسلامي هو دين العمل والجهاد ودين الرفعة والطموح - يدعونا إلى الزهد في الدنيا والقناعة بما نصيبه منها من صبابة قليلة، فهمنا ذلك، ووجدت هذه التعاليم التي أخطأنا فهمها مرعى خصباً من قلوبنا الضعيفة الخائرة، وآنست من قلوبنا ضعفا وقلة ثقة بالقدرة على الجهاد، والتغلب على ما يعترض سبيل الحياة وسبيل النجاح من صعاب وعقبات،