مصالح القطر كله، ولذلك يجب أن ينظر المؤتمر في مسألة مراكش كلها لا في مسألة طنجة وحدها، على اعتبار أن المدينة غير منفصلة عن أمها الكبرى، فلأجل بحث مسألة طنجة يجب البحث عن مسألة مراكش كما يرجع الباحث في الفروع إلى الأصول.
إن الداء الوبيل الذي لن يستقر معه نظام في أي شبر من الأقاليم المراكشية هو نظام الحماية، نظام التقسيم والتبديد والفوضى، ذلك أن الأساس الذي يقوم عليه نظام الحماية في مراكش أساس فاشل، وهو أساس يعبر عن قصر في النظر شنيع، وهذا الأساس هو تقسيم مراكش إلى عدة مناطق. فلو فرضنا أن الإخاء والحرية والمساواة والعدالة تحققت - ولو في الخيال - في كل منطقة من هذه المناطق، فإن ذلك لن يغني فتيلا في إرضاء المراكشي، لأنه ممنوع من أن يمد يده لمصافحة أخيه، ولأنه قد انتزع انتزاعا من أمه مراكش.
وإذن فليس هناك حل لهذه المشكلة المراكشية سوى إلغاء الحماية، وإلغاء التقسيم، وتقرير مبدأ جديد هو مبدأ الوحدة المراكشية، ولا سبيل إلى تحقيق هذه الوحدة - من وجهة النظر العملية - إلا بإلغاء الحماية وتقرير مبدأ الاستقلال، ثم بعد ذلك تجتمع دول معاهدة الجزيرة الخضراء - ومنها مراكش - لتنظر في نظام جديد يحفظ كرامة المراكشيين ومصالح الأجانب في وقت واحد.
مبدأ الحماية والتقسيم مبدأ جائر تحمل المراكشيون بسببهما أفظع التضحيات، ومبدأ الاستقلال والوحدة هو المبدأ الذي يجب أن يقوم عليه كل بحث يتعرض لأي جزء من أجزاء مراكش؛ وكل حل غير هذا بعيد عن أن يثبت الأمن والنظام، أو يضمن الديمقراطية لشعب حارب في سبيل الديمقراطية عشر سنوات كاملة في حربين عالميتين!
الديمقراطية! إنها النظام الذي ساهم المراكشيون في تدعيمه بأعز ما يملكون من دماء ومع ذلك ما يزالون إلى اليوم محرومين من التمتع بأبسط مزاياها.