عدالة، وعندئذ فلا تتلف في خزائنها، وعلى ذلك يكون شكر المتفضل المنعم قد أدته كل نفس. ألا أن النهم لا يتجه إلى السماء ومن حوله ما تمتلئ به مائدته الفخمة، ولكنه يضيف إلى تهمه كفرانه بالنعمة، ذلك الكفران الدنيء الغبي فيمتلئ ويخوض في حق طاعمه. أأزيدك من قولي أم كفاك ما قلت؟ إنه لا يسعني إلا أن أقول شيئاً أرد به على ذلك الذي يجرؤ أن يسلح لسانه البذيء بكلمات حقيرة يوجهها ضد تلك القوة المتشحة بأشعة الشمس، قوة العفة ولكن ما غناء ذلك؟ إنك لا أذن لك ولا قلب حتى تفهم ذلك الرأي السامي وذلك السر العلوي اللذين ينبغي النطق بهما ليتكشف لك الخطير العاقل ألا وهو مبدأ العفاف، ومثلك من لا يستحق أن يعرف من السعادة أكثر مما هو فيه فأهنأ بلباقتك الحبيبة إليك وفصاحتك المرحة التي مرنت على لجاجها الخادع. وإنك لأصغر عندي من أن ترى نفسك وقد لزمتك الحجة. ولئن تكلمت فإن ما لهذه القضية الطاهرة من أحقية في الكلام لا تقاوم جدير أن يشعل جوانب نفسي حماسة بحيث يتحرك بالعطف على كل أصم من الجماد وتهتز الأرض الجافية فإذا بصرح سحرك الذي امتد عالياً صوب السماء ينقض كومات فوق رأسك الزائف.
ويحدث كومس نفسه قائلاً: إن لكلامها لوقعاً، وإني لأحس أن كلماتها إنما تمليها عليها قوة عليا ومع أنني لست من بني الفناء، فإن رعشة باردة تهز كياني كله كما بعث جوف الرعد إذ غضب فألقى بأبيه ساتورن في العالم السفلي، وكما تثير السلاسل المهتزة من رعد في آذان ملاحي ساتورن، ومع ذلك فيجب على أن أتغافل عما أجس وأعود إلى محاولتي معها وأنا أكثر مما كنت قوة، ثم يتجه إلى العذراء قائلاً حسبك هذا فإنه مما تلغون به في الحديث عن الخلق، وإنه ليخالف قوانيننا وقواعدنا، ولست أطيق منه أكثر مما فعلت، وما هو إلا مظهر نفس غاضبة، ولكن هذه الكأس تشفي ذلك كله سريعاً. إن رشفة واحدة منها تغرق النفس المكتئبة في فيض من السرور تقصر دونه مباهج الأحلام فارجعي إلى صوابك واشربي. . .
ويندفع أخواها وقد شهر كل منهما سيفه، ويضرب أحدهما زجاجة فيلقيها من يده فتتحطم فوق الأرض، ويهم أتباعه بالمقاومة ولكن الأخوين يدفعانهم بسيفيهما، وعندئذ يدخل الروح الحارس. . .