في مصر. . . أحببت أن أسارع فأعرض بعضها عرضاً سريعاً.
رأيت أن اتجاهات التعليم في مصر اتجاهات تنكبت سبيل الصواب وبعدت عن مقتضيات الأحوال فلم تساير طبيعة الواقع، ولم تتساوق مع واقع الظروف. . . كلها ارتجال في ارتجال. . أو لنكن أكثر صراحة فنقول إنها برامج فرضتها ظروف أطل من بين ثناياها شبح المستعمر يملي رغبته تارة من بعيد تلميحاً، وتارة أخرى من قريب تصريحاً. . .
وما ظنك ببرامج جاءت أصولها على هذه الحال وفي هذه الظروف. . . ولغرض معروف؟ إنها تهدف أول ما تهدف إلى تقييد العقلية الفتية المصرية بقيود الاستعمار. . . ولقد أثرت حقاً وكان تأثيرها الإيجابي مركزاً في قهر روح الابتكار في الشبيبة المصرية، وقتل روح الاختراع والتجديد. . . بفرض نظام مدرسي عقيم لا يعمل على اكتشاف مواهب الطفل صغيراً، ولا يهدف إلى توجيه رغبة الشاب يافعاً.
نظام مقسم تقسيماً عقيماً. . . خدعنا بما فيه مقاييس للسن فليست المسألة مسألة تقسيم مراحل تعليمية أولية وابتدائه. . . وثانوية وعالية.
المشكلة مشكلة تقسيم الوسائل التربوية. . .
والمشكلة مشكلة مسايرة هذه الوسائل التربوية للظروف الاجتماعية والمادية والثقافية والنفسية.
والمشكلة مشكلة التطبيق السليم لهذه الوسائل السليمة.
فهل أدرك رجالنا هذه الحقائق؟ هل عملوا على تلافي الأخطاء؟
الواقع أنهم تركوا الأمور تسير سيراً مرتجلاً كما ارتجلت من قبل البرامج؛ ففي كل عام نظام جديد يهدم نظاماً قديماً. . . وحتى هذا الجديد لا يلبث طويلاً، وقبل أن ينتج أثراً يمكن الحكم به على صلاحيته يقذف به في أغوار النسيان ليحتل مكانه غيره. . .
قد يقال إننا أخذنا عن الغرب طرائق التربية. . . نعم أخذنا ولكن كان تقليدنا في الشكل لا في الجوهر. . . غيرنا البرامج بيد أننا لم نحسن التطبيق. . . ولم نستطع أن نفهم أن المدرسة توجيه وإرشاد وخلق وإصلاح. . .
فالإعداد فاسد، لأنه يمهد السبيل لنيل شهادة النجاح في المدرسة فحسب، ولكنه لا يسلح الطالب بما يظمن له أسباب النجاح في خضم الحياة. . . فالمدرسة المصرية تعني كل