ذلك هم المجددون المحافظون، وأما غيرهم ممن يعارضون الاقتراح فطائفتان: طائفة السلفيين المتزمتين، وهؤلاء قد وقفوا عند حدود النقل، فلا يرون لفهم أن يبتكر، ولا لعقل أن يعترض، ولا لمصلح أن يجدد، لان التجديد بدعة، وكل بدعة على إطلاقها ظلاله. وطائفة الأحرار المستقلين، وهؤلاء يعارضون الاقتراح لا لأنهم يناهضون الإصلاح، وإنما يخشون أن يفلت زمام الأزهر من أيديهم فتصبح قيادته لوزارة المعارف. ويخيل إلى أن المعارضين الأفاضل على اختلافهم في أسباب المعارضة ولو قرءوا الاقتراح على عادة الأزهريين من التفلية والتحليل لما وجدوا فيه مبعثاً للخوف ولا مثاراً للشك. وبحسبنا أن نوضح ما أشكل من جوانب الرأي لنصبح جميعاً متفقين على الأسس التي يجب أن يقوم عليها بناء الأزهر القديم والجديد.
يرى الأستاذ الغمراوي والذين يذهبون مذهبه أن الاقتراح (يجب نصف الأزهر ويدق رأسه):
١ - لأن إلغاء التعليم الابتدائي من المعاهد الدينية يستتبع إلغاء حفظ القرآن، إذ كان حفظه كله أو نصفه شرطاً في قبول الطالب، وإلغاء هذا الشرط ينقص الإعداد الديني تلك السنوات الست التي كان يقضيها الصبي في حفظ القرآن.
٢ - ولأن تحويل المعاهد الدينية إلى مدارس ثانوية تساير منهاج وزارة المعارف في الثقافة العامة، وتنفرد في سني التوجيه بعلومها الخاصة، يحرم الأزهر ست سنوات أخرى كان يقضيها الطالب في دراسة اللغة والدين بأقسامه الابتدائية والثانوية.
٣ - ولأن المواد المدنية على نهجها المعروف في برامج الوزارة ستطغي على المواد الدينية، فيقل المحصول الديني واللغوي لدى الطلاب، وتضعف الملكة الأزهرية الخاصة لفهم الدرس والكتاب.
٤ - ولأن الاعتماد على حملة الشهادة الابتدائية العامة في تغذية أقسام الأزهر الثانوية يعرضها للهزال بانصراف التلاميذ عنها إلى المدارس الثانوية الأخرى اتباعاً لأهواء العصر المادية.
وسترى بعد إيضاح ما أنبهم من استراب إلا إجمال فكرته وإيجاز شكله
١ - لا يستتبع إلغاء التعليم الابتدائي من المعاهد الدينية إلغاء حفظ القرآن واستقطاع ست