اختار هذا الفنان لجميع معابده أن تقع في نهاية طريق مستقيم جداً ومتسع، بحيث ينتهي هذا الطريق بواجهة المعبد الشامخة، يتوسطها بابه الصغير، وقد خصص هذا الطريق مهما بلغ طوله، (وقد يصل إلى ثلاثة كيلومترات) للمعبد فقط، فلم يسمح بإنشاء أي نوع من المصالح أو المباني على الجانبين، بل أنشأ على حافتيه وعلى مسافات متساوية تماثيل ضخمة متساوية ومتماثلة لمعبود معروف رأسه رأس كبش، وجسمه جسم أسد. فتصور تأثير هذين الصنفين من التماثيل المتوازية المتماثلة، والأفريزين الممتدين بجانبي الطريق، تلك المستقيمات المتوازية تظهر للرائي كأنها تتقابل وتتجمع في نقطة واحدة كما تجمع العدسات الأشعة الضوئية في نقطة واحدة، وهذه النقطة هنا هي باب المعبد الصغير الذي يظهر عن بعد. وكما أن النظر تقوده تلك المتوازيات إلى النقطة، كذلك يكون التأثير على الأذهان الشاردة، فهذا يساعدها على أن تتجمع وتتركز في العبادة. هذا بخلاف ما كان يعتقده الفراعنة من أن هذا الطريق مقدس لا يطؤه غير المطهرين الأبرياء، وأن تلك التماثيل الجانبية كانت تراقب حركات المارة وأفكارهم طوال الطريق. وكان المصريون يتوجهون إلى المعبد تحت هذه التأثيرات في موكب تتمثل فيه معاني الخشوع، يتقدمه غالباً الفرعون وحاشيته، حتى إذا اقتربوا من المعبد يمرون تحت قوس نصر فخم أشبه ببوابة شامخة يبلغ طولها نحواً من ثمانية وثلاثين متراً في معابد الكرنك. فتصور كيف يشعر المار من تلك البوابة بضآلته أمام هذا العلو الشاهق وهو يعتقد انه بمجر مروره منها تطهر نفسه مما قد يكون عالقاً بها من الأدران، فيصبح طاهراً يصلح لأن يقترب من المعبد، وبعد ذلك يمر الموكب بين مسلتين شاهقتين، كتب عليهما تاريخ إنشاء المعبد وبعض الرموز التي تمثل شارة المعبود الذي في المعبد، وهنا يجد الموكب نفسه أمام بناء شامخ مثال للقوة والبطش والجمال، وهذا هو المعبد ذو الواجهة الجرانيتية الضخمة التي تتكون من هرمين شامخين ناقصين متقاربين، يتوسطهما باب المعبد الصغير، وعلى جانبيه تمثالان عظيمان (يصل طول كل منهما إلى عشرين متراً كما في معبد (أبي سمبل شمال الشلال الثاني)، وهذان التمثالان يمثلان فرعون، ويرى الواقف بباب المعبد عدة أبواب متتالية ومتساوية الاتساع، تقع جميعها على محور واحد عمودي على الواجهة غالباً، وقد تصل المسافة بين