وما تكاد تنطلق حتى تنهض الفتاة كأن لم يكن بها شيء. ويبتهج الروح الحارس أو الراعي فيثني على سابرينيا ويدعو لها من قلبه بكل جميل، وينبئ الفتاة أنه سيصحبها إلى قصر أبيها حيث يلتقي المهنئون من الأصدقاء، ويطرب الرعاة والقرويون، وسيضاعف حضورها طربهم، ويزيد الحاضرين جميعاً فرحاً على فرح.
ويتغير المنظر على المسرح، فتمثل مدينة لادلو وقلعة الرئيس اللورد، ويتقدم على المسرح رهط من الراقصات القرويات وفي إثرهن الراعي ومعه الأخوان وأختهما، ويخاطب الراعي القرويات ويسألهن في أغنية قصيرة أن يذهبن، ويتمنى لهن عودة إلى سرور كهذا السرور، ثم يقدم الأخت وأخويها إلى أبيها في أغنية أخرى مثنياً على شباب الفتيين، وعلى عفة الفتاة، وانتصار الجميع على الحماقة والنزق.
ويختم الراعي المسرحية بأغنية طويلة، فيذكر إلى أين يذهب بعد أن أتم عمله، ويصف مواطن الحبور والجمال التي ينطلق إليها وصفاً يعيد إلى الذهن قصيدة الأليجرو، وما تفيض به من صور المرح وتلميحات الميثولوجيا.
ويعلن الراعي أن من يريد أن يلحق به من بني الفناء فسبيله الفضيلة، فالفضيلة وحدها هي التي تعلم النفس كيف تسمو وكيف تنطلق، ولئن مس الفضيلة الضعف فلها من السماء عون.
تلك هي خلاصة الغنائية المسرحية، وهي تتضمن كثيراً من آراء ملتن وفلسفته، فكل شخصية في الغنائية تعبر عما يريد ملتن من معان، وتصف في الواقع ناحية أو موقفاً من مواقف حياته، فالعذراء تستمسك بالعفة كما استمسك هو بها، وتواجه الإغراء الشديد وتقاومه كما واجه وقاوم، وأكبر الأخوين يمتدح الفضيلة ويدافع عنها ويؤمن بها كما يفعل ملتن وكما يحس، وكومس نفسه نراه في وصف الطبيعة وصلتها بالنفس عن طريق ما تحدثه مشاهدها ومسراتها من أثر في الحواس يعبر عن جانب من إحساس الشاعر الشاب، وأصغر الأخوين يفصح بكلامه عن وساوس الشك التي تطوف أحياناً بنفس ملتن على الرغم من استعفافه وزهده وعزلته والتي يتغلب عليها بالصبر وقوة العزيمة فيحس لذة النصر.
أما عن فلسفته في الغنائية، فأساسها الصراع بين العفة تمثلها العذراء، والشهوة يمثلها