(هاواي) حيث قضى المريض نحبه متأثراً من وطأة المرض.
مدى انتشاره في الأمم المختلفة:
سبق أن ذكرنا أن الجذام بعد أن كافحته أوربا تضائل وقل عدده حتى يمكن أن يقال إنه قارب الزوال من تلك القارة، وإذا تبسطنا في القول قلنا إنه تركز الآن في النرويج وروسيا وإسبانيا والبرتغال والبلقان وجزيرة ايسلنده. وهما يكن مجموع ما هو موجود منه اليوم في أوربا بالنسبة لعدد سكانها فإنه لا يعد شيئاً مذكوراً في عالم الوبائيات، ولا سيما بعد أن تتاح لنا فيما بعد فرصة للمقارنة بينه وبين ما هو موجود في بقاع أخرى من الكرة الأرضية. ويقدر الأخصائيون ما هو موجود الآن منه في أوربا بنحو ٥٠٠٠ حالة، وإذا علمنا أن عدد سكان الصين يعادل تقريباً عدد سكان القارة الأوربية اعترانا الدهش أو بالأحرى الذهول حينما يقال لنا إن بالصين ما يزيد عن مليون مجذوم، وهذا يوضح لنا مرة أخرى مبلغ تأثير المدينة في مكافحة المرض والقضاء عليه وكذلك استتبابه وتغلغله في تلك الأقطار التي لا تزال تغط في سبات عميق من التواكل والخمول. أليس من المزعج لا بل من المؤلم أيضا أن يكون المرض منتشراً في الصين بنسبة تعادل ٢٠٠ ضعف قوة انتشاره في أوربا. . .!!؟
ويوجد في الهند نحو٣٠٠. ٠٠٠ مجذوم وفي مصر نحو١٠. ٠٠٠ مصاب بهذا المرض، وأكثر بقاع الأرض إصابة به هي (كولومبيا) في أمريكا الوسطى وجزيرة (مدغشقر) بالمحيط الهندي، وهذه الجزيرة هي التي تحمل الرقم القياسي لهذا المرض. وليس أدل على ذلك من أن بتلك الجزيرة التي يزيد سكانها عن المليون نحو ٨٠٠٠ مريض بالجذام أو ما يعادل أضعاف قوة انتشاره في الصين وعشرة أضعاف قوة انتشاره بمصر. ولا داعي لأن نقارنه بقلة انتشاره في أوربا إذ ربما نصاب بدوار بالرأس أو ذهول.
كيف كافحته أوربا حتى قضت عليه:
لا مشاحة في أن الحضارة في العصور المختلفة هي التي تكيف حياة الفرد؛ بل حياة الأمة، والأمم التي تأخذ بأسبابها تطبعها بطابعها الخاص فتهديها إلى ما يجب عليها عمله في أمر من الأمور أو في مشكلة اجتماعية خاصة، وتنهاها عما لا يتفق وروح تلك الحضارة. وقوة